للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ:} معطوفان على {إِبْراهِيمَ} مجروران مثله. {إِلهاً:} بدل من ({إِلهَ آبائِكَ}) بدل كل من كل. {واحِداً:} صفته، والجملة الاسمية: {وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ:} في محل نصب حال من فاعل {نَعْبُدُ} المستتر، والرّابط: الواو، والضمير، وقيل: معطوفة على جملة:

{نَعْبُدُ..}. إلخ، والأول أقوى. وقيل: معترضة؛ ولا وجه له، والجار والمجرور: {لَهُ} متعلقان ب‍ {مُسْلِمُونَ} بعدها.

{تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَها ما كَسَبَتْ وَلَكُمْ ما كَسَبْتُمْ وَلا تُسْئَلُونَ عَمّا كانُوا يَعْمَلُونَ (١٣٤)}

الشرح: {تِلْكَ:} الإشارة إلى إبراهيم وذريته الطّيبة، على نبينا، وعليهم أفضل الصلاة، وأتمّ التسليم، وأنث لتأنيث الخبر. {أُمَّةٌ:} جماعة. {خَلَتْ:} مضت، وأصله: خلات، حذفت الألف لالتقائها ساكنة مع تاء التأنيث. {لَها ما كَسَبَتْ:} أي ما عملت من الأعمال، وقدّمت من الصّالحات في دنياها لآخرتها. {وَلَكُمْ ما كَسَبْتُمْ:} مثله، يريد من خير، وشر.

والمعنى: إنّ انتسابكم إليهم لا يوجب انتفاعكم بأعمال إبراهيم، وذرّيته. وإنّما تنتفعون بموافقتهم، واتّباعهم بأعمالهم، كما قال النبي صلّى الله عليه وسلّم لأقربائه: «لا يأتيني الناس بالأعمال، وتأتوني بالأنساب». {وَلا تُسْئَلُونَ عَمّا..}. إلخ، أي: لا تؤاخذون بسيئاتهم، كما لا تثابون بحسناتهم، قال تعالى: {وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى}.

هذا؛ وفي الآية دليل على: أن العبد يضاف إليه الأعمال كسبا، وإن كان الله تعالى أقدره على ذلك، إن كان خيرا؛ فبفضله، وإن شرّا، فبعدله. وهذا مذهب أهل السنة، والآي في القرآن بهذا المعنى كثيرة، فالعبد مكتسب لأفعاله، على معنى: أنه خلقت له قدرة مقارنة للفعل يدرك بها الفرق بين حركة الاختيار، وحركة الرّعشة مثلا، وذلك التمكّن هو مناط التكليف، وقالت الجبرية بنفي اكتساب العبد، وأنّه كالنبات الّذي تصرّفه الرياح، وقالت القدرية، والمعتزلة خلاف هذين القولين، وأن العبد يخلق أفعاله.

الإعراب: {تِلْكَ:} اسم إشارة مبني على الكسر في محل رفع مبتدأ، واللام للبعد، والكاف حرف خطاب لا محل له. {أُمَّةٌ:} خبر المبتدأ. {قَدْ:} حرف تحقيق يقرب الماضي من الحال. {خَلَتْ:} فعل ماض مبني على فتح مقدر على الألف المحذوفة، والتاء حرف لا محل له، والفاعل يعود إلى: {أُمَّةٌ،} والجملة الفعلية في محل رفع صفة {أُمَّةٌ}. هذا؛ وقال القرطبي: وإن شئت كانت الجملة خبر المبتدأ، وتكون {أُمَّةٌ} بدلا من: {تِلْكَ}. وهذا غير مسلم له؛ لأنه لا يبدل من اسم الإشارة إلا الاسم المقرون بال. والجملة الاسمية: {تِلْكَ..}.

إلخ مستأنفة لا محل لها من الإعراب.

<<  <  ج: ص:  >  >>