وفيه أكثر الحواس؛ ولأنه موضع السجود، ومظهر آثار الخشوع والخضوع. {قَتَرٌ}: غبرة فيها سواد. {ذِلَّةٌ}: هوان ومذلة، والمعنى: لا يصيبهم ما يصيب أهل النار من حزن، وكآبة، وسوء حال. {أُولئِكَ} أي: الموصوفون بما ذكر. {الْجَنَّةِ}: انظر الآية رقم [٧٢]، من سورة (التوبة).
{خالِدُونَ}: مقيمون لا يخرجون منها أبدا.
الإعراب:{لِلَّذِينَ}: متعلقان بمحذوف في محل رفع خبر مقدم. {أَحْسَنُوا}: فعل وفاعل، والألف للتفريق، والمفعول محذوف، والجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها. {الْحُسْنى}:
مبتدأ مؤخر مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الألف للتعذر، والجملة الاسمية مستأنفة لا محل لها، وجملة:{وَلا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ}: فيها ثلاثة أوجه: أحدها: أنها مستأنفة، والثاني: أنها في محل نصب حال من الضمير المستتر في متعلق {لِلَّذِينَ}: وهذا لا يصح إلا بإضمار مبتدأ؛ لأن المضارع المنفي لا تسبقه واو الحال وإذا وقع مثل ذلك فهو على تقدير مبتدأ قبلها، فتكون الجملة اسمية، والثالث: أن الفعل في محل رفع عطفا على {الْحُسْنى،} فهو في محل رفع مثله، وهذا يعني تقدير (أن) المصدرية قبل الفعل: {يَرْهَقُ؛} ليصح جعله معه في محل رفع مبتدأ مخبرا عنه بالجار والمجرور، التقدير:{لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى،} وأن لا يرهق، أي: وعدم رهقهم، فلما حذفت (أن) رفع الفعل المضارع؛ لأنه ليس من مواضع إضمار (أن) ناصبة، وهذا كقوله تعالى:{وَمِنْ آياتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ} والمثل «تسمع بالمعيديّ خير من أن تراه». {وَلا}: الواو: حرف عطف. (لا):
زائدة لتأكيد النفي. {ذِلَّةٌ}: معطوف على {قَتَرٌ}. {أُولئِكَ}: اسم إشارة مبني على الكسر في محل رفع مبتدأ، والكاف: حرف خطاب لا محل له. {أَصْحابُ}: خبر المبتدأ، و {أَصْحابُ}:
مضاف، و {الْجَنَّةِ}: مضاف إليه، والجملة الاسمية مستأنفة لا محل لها. {وُجُوهَهُمْ}: ضمير منفصل مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. {فِيها}: متعلقان بما بعدهما. {خالِدُونَ}: خبر المبتدأ مرفوع، وعلامة رفعه الواو نيابة عن الضمة؛ لأنه جمع مذكر سالم، والنون عوض عن التنوين في الاسم المفرد، وفاعله ضمير مستتر فيه، والجملة الاسمية:{وُجُوهَهُمْ..}. إلخ: في محل نصب حال من {أَصْحابُ الْجَنَّةِ،} أو من {الْجَنَّةِ} نفسها، والرابط على الاعتبارين: الضمير فقط، والعامل في الحال اسم الإشارة، واعتبارها مستأنفة ضعيف.
الشرح:{كَسَبُوا}: انظر الآية رقم [٨]. {السَّيِّئاتِ}: جمع سيئة. {ما لَهُمْ مِنَ اللهِ مِنْ عاصِمٍ} أي: ما من أحد يحفظهم ويمنعهم من غضب الله وانتقامه. {كَأَنَّما أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعاً مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِماً} أي: كأنما ألبست وجوههم سوادا من الليل المظلم؛ وذلك لفرط سوادها