للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وظلمتها، هذا؛ وقد قرئ {قِطَعاً} بفتح الطاء وسكونها، فالأول: جمع قطعة، والثاني: اسم ما قطع فسقط، وقال ابن السكيت: القطع: طائفة من الليل، انظر الآية رقم [٨١] من السورة الآتية. هذا؛ وقوله تعالى: {جَزاءُ سَيِّئَةٍ}: مشاكلة، انظر الآية رقم [٣٠] من سورة (الأنفال).

تنبيه: قال الخازن-رحمه الله تعالى-: اعلم أنه لمّا شرح الله سبحانه وتعالى أحوال المحسنين، وما أعدّ لهم من الكرامة؛ شرح في هذه الآية حال من أقدم على السيئات، والمراد بهم: الكفار والمقصود من التقييد بقوله: {جَزاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِها} التنبيه على الفرق بين الحسنات والسيئات؛ لأن الحسنات يضاعف ثوابها لعاملها تفضلا، وتكرما، وأما السيئات؛ فإنه يجازى عليها بمثلها عدلا منه سبحانه وتعالى. انتهى بتصرف كبير مني. والله أعلم بمراده وأسرار كتابه.

الإعراب: {وَالَّذِينَ..}. إلخ: قال سليمان الجمل: عبارة السمين: فيه سبعة أوجه: أحدها:

أن يكون {وَالَّذِينَ} عطفا على {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا} أي: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى،} وللذين كسبوا السيئات جزاء سيئة بمثلها، فتعادل التقسيم، كقولك: في الدار زيد، والحجرة عمرو، وهذا يسميه النحويون عطفا على معمولي عاملين مختلفين وهذا يعني: أن الجار والمجرور {لِلَّذِينَ..}.

إلخ أي: في التقدير متعلقان بمحذوف خبر مقدم، و {جَزاءُ} مبتدأ مؤخر، وفي الظاهر {جَزاءُ} معطوف على {الْحُسْنى}. تأمل.

الوجه الثاني: أن (الذين) مبتدأ أول، و {جَزاءُ سَيِّئَةٍ} مبتدأ ثان، وخبره: {بِمِثْلِها،} والباء:

فيه زائدة؛ أي: وجزاء سيئة مثلها.

الثالث: أن الباء: ليست زائدة، والتقدير مقدر بمثلها، أو مستقر بمثلها، والمبتدأ الثاني وخبره خبر عن الأول.

الرابع: أن خبر {سَيِّئَةٍ} محذوف، فقدره الحوفي بقوله: لهم جزاء سيئة، قال: ودل على تقدير (لهم) قوله: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى} حتى تتشاكل هذه بهذه، وقدره أبو البقاء: (جزاء سيئة بمثلها واقع) وهو وخبره أيضا خبر عن الأول، وعلى هذين التقديرين، فالباء: متعلقة بنفس جزاء؛ لأن هذه المادة تتعدى بالباء، فإن قلت: أين الرابط بين هذه الجملة والموصول الذي هو المبتدأ؟ قلت: على تقدير الحوفي هو الضمير المجرور باللام المقدر خبرا، وعلى تقدير أبي البقاء: هو محذوف تقديره: جزاء سيئة بمثلها واقع، نحو: السمين منوان بدرهم، وهو حذف مطرد لما عرفته غير مرة.

الخامس: أن يكون الخبر الجملة المنفية من قوله: {ما لَهُمْ مِنَ اللهِ مِنْ عاصِمٍ؛} وعليه يكون قد فصل بين المبتدأ وخبره بجملة اعتراض.

السادس: أن الخبر الجملة: {كَأَنَّما أُغْشِيَتْ..}. إلخ؛ وعليه يكون قد فصل بين المبتدأ وخبره بثلاث جمل اعتراض.

<<  <  ج: ص:  >  >>