سورة (الماعون) مكية. وقيل: نزل نصفها بمكة في العاص بن وائل، والنصف الثاني نزل في المدينة في عبد الله بن أبيّ ابن سلول المنافق، وهي سبع آيات، وخمس وعشرون كلمة، ومئة وخمسة وعشرون حرفا. ومناسبتها لما قبلها: أن الله تعالى لمّا عدد نعمه على قريش، وكانوا لا يؤمنون بالبعث، والجزاء؛ أتبع امتنانه عليهم بتهديدهم بالجزاء، وتخويفهم بالعقاب.
الشرح:{أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ} أي: بيوم الجزاء، والحساب. واختلف فيمن نزلت فيه من زعماء قريش، فقيل: العاص. وقيل: غيره، والمعنى: هل عرفت الذي يكذب بيوم الجزاء، والحساب؟ فإن لم تعرفه؛ فهو ذلك... إلخ. وذكرت لك شرح (الدّين) في آخر سورة (الانفطار).
{فَذلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ:} يدفعه بعنف عن حقه. قيل: كأبي جهل كان وصيا على يتيم، فجاءه عريانا يسأله من مال نفسه، فدفعه. وقيل: هو أبو سفيان نحر جزورا، فسأله يتيم لحما، فقرعه بعصاه. أو الوليد بن المغيرة، أو العاص بن وائل. وقد تقدم في سورة (النساء) أنهم كانوا لا يورثون النساء، ولا الصغار، وكانوا يقولون: إنما يحوز المال من يطعن بالسنان، ويضرب بالحسام. هذا؛ وخذ قوله تعالى في سورة (الطور) لتفسير الدّعّ: {يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلى نارِ جَهَنَّمَ دَعًّا} رقم [١٣].
هذا؛ واليتيم من الحيوان الذي فقد أمه فقط، ومن بني آدم من فقد أباه، أو أمه، أو فقدهما معا، وهو أسوأ أنواع اليتامى، والمراد به هنا: من فقد معيله، وهو الأب على الأكثر، وهناك يتيم العلم، والعقل، والتربية، والخلق، والدين، وهو أسوأ حالا من كل يتيم، وإن كان قد بلغ من العمر الستين، والسبعين، ويملك من الأموال الملايين. ولله در القائل:[البسيط]
ليس اليتيم الّذي قد مات والده... إنّ اليتيم يتيم العلم والأدب
ومن أنواع اليتيم من أهمل أبوه، وأمه تربيته مع كونهما موجودين، وخذ قول الآخر:[الكامل]