متعلقان بما قبلهما، و {نِساءِ:} مضاف، و {الْعالَمِينَ:} مضاف إليه مجرور، وعلامة جره الياء نيابة عن الكسرة؛ لأنه ملحق بجمع المذكر السالم، والنون عوض عن التنوين في الاسم المفرد، والآية كلّها في محل نصب مقول القول.
الشرح:{يا مَرْيَمُ اقْنُتِي..}. إلخ: القنوت: الطاعة، والانقياد، والخضوع. وقال تعالى عنها في آخر سورة التحريم:{وَكانَتْ مِنَ الْقانِتِينَ} وقال القرطبي-رحمه الله تعالى-: أي: أطيلي القيام في الصّلاة. وقال الأوزاعي: -رحمه الله تعالى-لما قالت لها الملائكة ذلك؛ قامت في الصّلاة حتى ورمت قدماها، وسالتا دما، وقيحا، عليها السّلام. والقنوت: أن تذكر الله قائما، والقنوت: طول القيام. قاله ابن عمر-رضي الله عنهما-وقرأ قوله تعالى في سورة (الزّمر):
{أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّيْلِ ساجِداً وَقائِماً}. وقال النبي صلّى الله عليه وسلّم:«أفضل الصلاة طول القنوت». أخرجه مسلم، وغيره، وقال الشاعر:[الرمل]
قانتا لله يدعو ربّه... وعلى عمد من النّاس اعتزل
{وَاسْجُدِي وَارْكَعِي:} إنما قدّم السجود على الرّكوع؛ لأن الواو لا تقتضي الترتيب، إنّما هي لمطلق الجمع، كأنه قيل لها: افعلي الركوع، والسجود. وقيل: إنّما قدم السجود على الركوع؛ لأنه كان كذلك في شريعتهم. وقال ابن الأنباري: أمرها أمرا عامّا، وحضّها على فعل الخير، فكأنه قال: استعملي السّجود في حال، والركوع في حال، ولم يرد تقديم السجود على الركوع، بل أراد العموم بالأمر على اختلاف الحالين، وإنما قال:{وَارْكَعِي مَعَ الرّاكِعِينَ} ولم يقل: مع الراكعات؛ لأن لفظ الراكعين أعمّ، فيدخل فيه الرجال، والنساء، والصّلاة مع الرجال أفضل، وأتم، وعلى كلّ ففيه تغليب الرّجال على النّساء، كما في قوله تعالى:{وَكانَتْ مِنَ الْقانِتِينَ}.
وانظر شرح الركوع في الآية رقم [٤٣] من سورة (البقرة) فإنّه جيد.
هذا؛ و (مريم) بالعبرية بمعنى الخادم، ثم سمّي به كثير من النّساء، و (مريم) في لسان العرب هي التي تكون مخالطة، ولم تذكر امرأة باسمها صريحا في القرآن الكريم إلا مريم، وقد ذكرت في ثلاثين موضعا. هذا؛ وفي القاموس المحيط: المريم: هي التي تحبّ مخالطة الرجال، ولا تفجر. وهذا يناقض ما قبله. قال الشاعر:[الطويل]
وزائرة ليلا كما لاح بارق... تضوّع منها للكساء عبير
فقلت لها أهلا وسهلا أمريم؟ ... فقالت: نعم من أنت قلت لها: زير