الشرح: قال ابن عباس-رضي الله عنهما-: المراد بهذه الآية بنو قريظة، وبنو النضير، وذلك: أنّ رؤساء اليهود مالوا إلى تحصيل الأموال في معاداة الرّسول صلّى الله عليه وسلّم، وإنّما كان مقصودهم بمعاداته تحصيل الرئاسة، والأموال، فقال الله-عز وجل-: {لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوالُهُمْ}. وقيل: نزلت في مشركي قريش، فإن أبا جهل الخبيث كان كثير الافتخار بالأموال، وأنفق أبو سفيان مالا كثيرا في يومي بدر وأحد على المشركين. وقيل: إنّ الآية عامّة في جميع الكفار؛ لأن اللفظ عام، ولا دليل يوجب التخصيص، فوجب إجراء اللّفظ على عمومه. وإنّما خصّ الأموال، والأولاد بالذّكر؛ لأن الإنسان يدفع عن نفسه تارة بالفداء بالمال، وتارة بالاستعانة بالأولاد، فأعلم الله عز وجل: أن الكافر لا ينفعه شيء من ذلك في الآخرة، ولا مخلص من عذاب الله. وهو فحوى الجملة التالية. وانظر ما ذكرته في الآية رقم [١٠] فإنّه جيد، والحمد لله! {وَأُولئِكَ..}. إلخ: انظر سورة (البقرة) رقم [٢٥٧].
الإعراب:{إِنَّ:} حرف مشبه بالفعل. {الَّذِينَ:} اسم: {إِنَّ} وجملة: {كَفَرُوا} مع المتعلق المحذوف صلة الموصول، لا محلّ لها. {لَنْ تُغْنِيَ:} فعل مضارع منصوب ب {لَنْ}.
{عَنْهُمْ:} جار ومجرور متعلقان به. {أَمْوالُهُمْ:} فاعله، والهاء في محل جر بالإضافة.
{وَلا:} الواو: حرف عطف. ({لا}): صلة لتأكيد النفي. {أَوْلادُهُمْ:} معطوف على ما قبله، والجملة الفعلية في محل رفع خبر:{إِنَّ} والجملة الاسمية مبتدأة، أو مستأنفة لا محل لها.
{مِنَ اللهِ:} متعلقان بالفعل: {تُغْنِيَ} وهما في محل نصب مفعول به. {شَيْئاً:} مفعول مطلق، أو نائب عنه، وجوّز أن يكون مفعولا به، وعليه فالجار والمجرور متعلقان بمحذوف حال منه، كان صفة له، فلما قدّم عليه؛ صار حالا.
{وَأُولئِكَ:} الواو: حرف استئناف. ({أُولئِكَ}): اسم إشارة مبني على الكسر في محل رفع مبتدأ، والكاف حرف خطاب، لا محل له. {أَصْحابُ:} خبر المبتدأ، وهو مضاف، و {النّارِ:}
مضاف إليه، من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه، والجملة الاسمية مستأنفة، أو معطوفة على ما قبلها، لا محل لها على الاعتبارين. {هُمْ:} ضمير منفصل مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. {فِيها:} جار ومجرور متعلقان بما بعدهما. {خالِدُونَ:} خبر المبتدأ مرفوع، وعلامة رفعه الواو نيابة عن الضمّة؛ لأنه جمع مذكر سالم، والجملة الاسمية في محل نصب حال من:{أَصْحابُ النّارِ} والعامل في الحال اسم الإشارة لما فيه من معنى التشبيه، والرابط الضمير فقط، وفيها معنى التأكيد للكلام السابق، وجوّز اعتبارها خبرا ثانيا ل ({أُولئِكَ}). والأول أقوى.