الشرح:{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ} أي: الأعمال الصالحات على اختلاف أنواعها، وتفاوت مراتبها. {كانَتْ لَهُمْ جَنّاتُ:} انظر شرح (الجنات) في الآية رقم [٢٣] من سورة (الرعد).
وانظر الآية رقم [٢٦] من سورة (يونس) على نبينا وعليه ألف صلاة، وألف سلام، ففيها ذكر الجنان السبع. هذا؛ وجنة الفردوس قال قتادة: الفردوس: ربوة في الجنة، وأوسطها، وأعلاها، وأفضلها وأرفعها؛ أي: فأوسطها بالنسبة للمكان، وأعلاها باعتبار الدرجات والقصورة، وأفضلها بالنسبة للنعيم الموجود فيها، وأرفعها بالنسبة لمقامها، ومكانتها. قال كعب: ليس في الجنان جنة أعلى من جنة الفردوس، فيها الآمرون بالمعروف، والناهون عن المنكر. وقال النبي صلّى الله عليه وسلّم:«إذا سألتم الله، فاسألوه الفردوس، فإنه أوسط الجنّة، وأعلى الجنة، وفوقه عرش الرحمن، ومنه تتفجّر أنهار الجنة». انتهى. من حديث طويل أخرجه البخاري عن أبي هريرة -رضي الله عنه-.
هذا؛ وقيل: الفردوس هو البستان الذي فيه الأعناب. وقيل: هي الجنة الملتفة بالأشجار التي تنبت ضروبا من النبات على اختلاف أنواعها، وهو أجود. واختلف فيه، فقيل: هو عربي.
وقيل: هو رومي. وقيل: هو فارسي. وقيل: سرياني، وأقول: إنه صار عربيا لاستعمال القرآن له، كما رأيت في ألفاظ كثيرة، انظر الآية رقم [٢] و [٢٣] من سورة (يوسف) على حبيبنا، ونبينا وعليه، وآبائه، وأجداده ألف صلاة، وألف سلام تجد ما يسرك، ويثلج صدرك. هذا؛ ولم يذكر لفظ {الْفِرْدَوْسِ} في غير هذه الآية، والآية رقم [١١] من سورة (المؤمنون). وقال حسان بن ثابت -رضي الله عنه-: [الطويل]
وإنّ ثواب الله كلّ موحّد... جنان من الفردوس فيها يخلّد
هذا؛ وفردوس اسم روضة في بلاد اليمامة. قال الشاعر، وهو مضرس بن ربعي الأسدي:[الطويل]
وقلن على الفردوس أوّل مشرب... أجل جير إن كانت أبيحت دعاثره
وقال أمية بن أبي الصلت، وقد جمع الفردوس:[البسيط]
كانت منازلهم إذ ذاك آهلة... فيها الفراديس والفومان والبصل
هذا؛ وعطف العمل الصالح على الإيمان في الآية وغيرها يوحي بأن العمل قرين الإيمان، وقد لا يجدي الإيمان بلا عمل، وهو ما أفاده قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم:«الإيمان والعمل قرينان، لا يقبل الله أحدهما بدون صاحبه». كما أن الإيمان مشروط لقبول العمل، كما رأيت في الآية