لفاعله، وجملة:{فَلا تَكُنْ..}. إلخ لا محل لها على جميع الوجوه المعتبرة بالفاء؛ لأنها معترضة بين الجملتين المتعاطفتين. {وَجَعَلْناهُ:} الواو: حرف عطف. (جعلناه): فعل، وفاعل، ومفعول به أول. {هُدىً:} مفعول به ثان منصوب، وعلامة نصبه فتحة مقدرة على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين، والثابتة دليل عليها، وليست عينها. {لِبَنِي:} جار ومجرور متعلقان ب: {هُدىً،} أو بمحذوف صفة له، وعلامة الجر الياء نيابة عن الكسرة؛ لأنه ملحق بجمع المذكر السالم، وحذفت النون للإضافة، و (بني) مضاف، و {إِسْرائِيلَ} مضاف إليه، وعلامة جره الفتحة نيابة عن الكسرة؛ لأنه ممنوع من الصرف للعلمية، والعجمة، وجملة:{وَجَعَلْناهُ..}. إلخ معطوفة على جملة:(قد آتينا...) إلخ لا محل لها مثلها.
الشرح:{وَجَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً} أي: قادة يقتدى بهم في الخيرات وأعمال الطاعات، و {أَئِمَّةً:} جمع: إمام، سمي بذلك؛ لأنه يؤتم به في الأفعال، فهنيئا لمن كان إماما في الخير! وويل لمن كان إماما في الشر! قال تعالى في حق فرعون، وأشياعه:{وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النّارِ..}. إلخ الآية رقم [٤١] من سورة (القصص).
هذا؛ ويقال: أئمة، وأيمّة، والثاني جائز عربية لا قراءة، وشرحه: أنّ أصله «أأممة» ولكن لما اجتمع المثلان، وهما الميمان، أدغمت الأولى في الثانية، ونقلت حركتها على الهمزة، فصار أئمة بهمزتين، فأبدل من الهمزة المكسورة ياء كراهة اجتماع الهمزتين.
{يَهْدُونَ بِأَمْرِنا} أي: يدعون الناس إلى التوحيد، وعبادة الإله الحميد المجيد بما أنزلنا عليهم من الوحي المتضمن للأمر، والنهي. ثم قيل: المراد: الأنبياء عليهم الصلاة والسّلام.
وقيل: المراد: الفقهاء، والعلماء من بني إسرائيل الذين جاءوا بعد موسى، على نبينا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام. ومعنى بأمرنا بتوفيقنا إياهم لما نأمرهم به.
{لَمّا صَبَرُوا:} على طاعة الله، وعلى البلاء؛ الذي أصابهم، يقرأ بفتح اللام، وتشديد الميم، ويقرأ بكسر اللام، وتخفيف الميم. {وَكانُوا بِآياتِنا يُوقِنُونَ:} المراد بالآيات: التوراة، أو ما تضمنته من الأحكام، ومعنى {يُوقِنُونَ:} يؤمنون إيمانا صادقا، ويعلمون علما يقينا، لا يخالجه شك.
وأخيرا: أما الصبر: فهو حبس النفس عن الجزع عند المصيبة، وحبس اللسان عن الشكوى، وحبس الجوارح عن التشويش، وهو مر المذاق، يكاد لا يطاق، إلا أنه حلو العواقب، يفوز صاحبه بأسنى المطالب، كما قال القائل:[البسيط]