القرآن، ثم نعم وبئس بكسر أولهما وثانيهما، غير أن الغالب في (نعم) أن يجيء بعده ما، كقوله تعالى:{نِعِمّا يَعِظُكُمْ بِهِ} و (بئس) جاءت بعدها (ما) على اللغة الأولى الفصحى، كقوله تعالى:
{بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ} واللغة الثالثة: نعم وبأس بفتح فسكون، والرابعة: نعم وبئس بفتح فكسر، وهي الأصل فيهما، ولا بد لهما من شيئين: فاعل ومخصوص بالمدح أو الذم، والقول بفعليتهما إنما هو قول البصريين، والكسائي؛ بدليل دخول تاء التأنيث عليهما في قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم:«من توضّأ يوم الجمعة فبها ونعمت، ومن اغتسل فالغسل أفضل». وقال الكوفيون إلا الكسائي: هما اسمان بدليل دخول حرف الجر عليهما في قول أعرابي، وقد أخبر بأن امرأته ولدت بنتا له:(والله ما هي بنعم الولد، نصرها بكاء وبرّها سرقة) وقول غيره: (نعم السير على بئس العير) وأوّله البصريون على حذف كلام مقدر، إذ التقدير: والله ما هي بولد مقول فيه: نعم الولد، ونعم السّير على عير مقول فيه: بئس العير. انتهى. والمعتمد في ذلك قول البصريين.
الإعراب:{وَإِنْ تَوَلَّوْا}: انظر إعراب: {فَإِنِ انْتَهَوْا} في الآية السابقة. {فَاعْلَمُوا}: الفاء:
واقعة في جواب الشرط. (اعلموا): أمر وفاعله، والألف للتفريق، {إِنْ}: حرف مشبه بالفعل.
{اللهَ}: اسمها. {مَوْلاكُمْ}: خبر {إِنْ} مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الألف للتعذر، والكاف في محل جر بالإضافة، و {إِنْ} واسمها وخبرها في تأويل مصدر في محل نصب سد مسد مفعولي (اعلموا)، وجملة:{فَاعْلَمُوا..}. إلخ في محل جزم جواب الشرط.. إلخ، و (إن) ومدخولها معطوف على مثله في الآية السابقة، هذا هو الظاهر، وعند التأمل يظهر لك أن جواب الشرط محذوف، التقدير: فلا تخشوهم، والجملة بعدها مفيدة للتعليل، التقدير: لأن الله مولاكم... إلخ. انتهى. جمل، وفيه تكلف ظاهر. {نِعْمَ الْمَوْلى}: فعل وفاعل، والمخصوص بالمدح محذوف، تقديره: هو، وهذا فيه وجهان: أحدهما: أنه مبتدأ مؤخر خبره الجملة الفعلية قبله، والثاني: أنه خبر لمبتدإ محذوف، التقدير: هو، أي: هو الله، والكلام مستأنف لا محل له.
الشرح:{وَاعْلَمُوا}: من العلم والمعرفة. {وَلِذِي الْقُرْبى} أي: قرابة الرسول صلّى الله عليه وسلّم.
{وَالْيَتامى}: جمع يتيم، وهو من الحيوان من فقد أمه فقط، ومن بني آدم من فقد أباه أو أمه، أو فقدهما معا، والمراد بهم هنا من فقدوا معيلهم، وهو الأب، وهناك يتيم العلم، والعقل، والتربية، والخلق، والدين، وهو أسوأ حالا من الأول، وإن كان قد بلغ من العمر الستين والسبعين، ويملك من الأموال الملايين، ولله درّ القائل:[البسيط]