للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والفعل الماضي لا يدل عليه؛ لأن وقت نزول الآية كانت الحكاية عن قوم قريبي العهد بالإسلام، وعن قوم مستمرين على الكفر، فعبر في حق الأولين بلفظ الفعل، وفي حق الآخرين بالصيغة الدالة على الثبات. انتهى. جمل نقلا من زاده.

تنبيه: فحوى الآيتين قريب من فحوى قوله تعالى في سورة (البقرة) رقم [٢١٤]: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْساءُ وَالضَّرّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتى نَصْرُ اللهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللهِ قَرِيبٌ}.

الإعراب: {وَلَقَدْ:} الواو: حرف قسم وجر، والمقسم به محذوف، تقديره: والله، والجار والمجرور متعلقان بفعل محذوف تقديره: أقسم. اللام: واقعة في جواب القسم. (قد): حرف تحقيق يقرب من الحال. {فَتَنَّا:} فعل، وفاعل. {الَّذِينَ:} اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب مفعول به. {مِنْ قَبْلِهِمْ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف صلة الموصول، والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة. وجملة: {(لَقَدْ فَتَنَّا...)} إلخ. جواب القسم، لا محل لها، والقسم وجوابه كلام مستأنف، لا محل له. وانظر الآية رقم [٢٣] من سورة (السجدة) تجد ما يسرك، ويثلج صدرك. {فَلَيَعْلَمَنَّ:} الفاء: حرف عطف، اللام: واقعة في جواب القسم بسبب العطف، (يعلمن): فعل مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة؛ التي هي حرف لا محل له. {اللهُ:} فاعله، {الَّذِينَ:} مفعول به، وجملة: {صَدَقُوا} مع المتعلق المحذوف صلة الموصول، لا محل لها، وجملة: {فَلَيَعْلَمَنَّ..}. إلخ معطوفة على ما قبلها، لا محل لها مثلها، وأيضا جملة: {وَلَيَعْلَمَنَّ الْكاذِبِينَ} معطوفة عليها، وإعرابها مثل إعراب سابقتها بلا فارق.

{أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ أَنْ يَسْبِقُونا ساءَ ما يَحْكُمُونَ (٤)}

الشرح: {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ:} الشرك، والمعاصي، فإن العمل يعم أفعال القلوب والجوارح. {أَنْ يَسْبِقُونا:} أن يفوتونا، ويعجزونا قبل أن نعاقبهم ونؤاخذهم بما يفعلون، قال ابن عباس-رضي الله عنهما-: يريد الوليد بن المغيرة، وأبا جهل، وأمثالهما من كفرة قريش. وما أحراك أن تجعل حكم الآية عاما لكل من يعمل السيئات. {ساءَ ما يَحْكُمُونَ} أي: بئس الحكم ما حكموا في صفات ربهم أنه مسبوق، والله القادر على كل شيء. هذا؛ وفحوى الآية قريب من فحوى قوله تعالى في سورة (الأنفال) رقم [٥٩]: {وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا إِنَّهُمْ لا يُعْجِزُونَ}.

هذا؛ و {حَسِبَ} من باب تعب في لغة جميع العرب، إلا بني كنانة، فإنهم يكسرون سين المضارع مع كسر سين الماضي أيضا على غير قياس، وقد قرئ المضارع بفتح السين وكسرها، والمصدر: الحسبان بكسر الحاء. وحسبت المال حسبا من باب: قتل بمعنى: أحصيته عددا.

<<  <  ج: ص:  >  >>