للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اِتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصّادِقِينَ (١١٩)}

الشرح: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ}: خافوه فيما لا يرضاه، وانظر (الإيمان) في الآية رقم [١] من سورة (الأعراف)، وزيادته في الآية رقم [٢] من سورة (الأنفال) وانظر {اِتَّقُوا} في الآية رقم [١] منها. {مَعَ الصّادِقِينَ} أي: في إيمانهم وعهودهم، أو في دين الله، نية وقولا وعملا، وقرئ: «(من الصادقين)» أي: في توبتهم وإنابتهم، فيكون المراد به الثلاثة المذكورون في الآية السابقة، ومن نهج نهجهم وسار على طريقهم، وقيل: غيرهم على أقوال كثيرة.

تنبيه: روي: أن أبا بكر رضي الله عنه احتج بهذه الآية على الأنصار في يوم السقيفة، وذلك أن الأنصار قالوا: منا أمير، ومنكم أمير، فقال رضي الله عنه، يا معشر الأنصار! إن الله سبحانه وتعالى يقول في كتابه {لِلْفُقَراءِ الْمُهاجِرِينَ.}. إلى قوله {أُولئِكَ هُمُ الصّادِقُونَ} الآية رقم [٨] من سورة (الحشر)، من هم، قالت الأنصار: أنتم هم، فقال: إن الله تعالى يقول: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا..}. إلخ الآية، فأمركم أن تكونوا معنا، ولم يأمرنا أن نكون معكم، نحن الأمراء، وأنتم الوزراء. انتهى. خازن.

وقال القرطبي-رحمه الله تعالى: حق من فهم عن الله، وعقل عنه أن يلازم الصدق في الأقوال، والإخلاص في الأعمال، والصفاء في الأحوال، فمن كان كذلك لحق بالأبرار، ووصل إلى رضا الغفار، قال صلّى الله عليه وسلّم: «عليكم بالصّدق، فإن الصّدق يهدي إلى البرّ، وإنّ البرّ يهدي إلى الجنّة، وما يزال الرجل يصدق ويتحرّى الصدق حتى يكتب عند الله صدّيقا». والكذب على الضد من ذلك، قال صلّى الله عليه وسلّم: «إيّاكم والكذب، فإنّ الكذب يهدي إلى الفجور، وإنّ الفجور يهدي إلى النار، وما يزال الرجل يكذب، ويتحرّى الكذب حتّى يكتب عند الله كذّابا». رواه البخاري ومسلم وغيرهما عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.

الإعراب: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا}: انظر إعراب هذه الجملة في الآية رقم [٢٣] وجملة:

{اِتَّقُوا اللهَ} لا محل لها؛ لأنها ابتدائية كالجملة الندائية قبلها، {وَكُونُوا}: أمر ناقص مبني على حذف النون، والواو اسمه، والألف للتفريق، وانظر إعراب: {اُسْجُدُوا،} في الآية رقم [١١] من سورة (الأعراف). {مَعَ}: ظرف مكان متعلق بمحذوف خبر (كانوا)، و {مَعَ}:

مضاف، و {الصّادِقِينَ}: مضاف إليه مجرور، وعلامة جره الياء نيابة عن الكسرة؛ لأنه جمع مذكر سالم، والنون عوض عن التنوين في الاسم المفرد، وجملة: {وَكُونُوا..}. إلخ معطوفة على ما قبلها لا محل لها أيضا.

<<  <  ج: ص:  >  >>