الشرح:{كَتَبَ اللهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي} أي: قدر الله، وقضى قضاء ثابتا في اللوح المحفوظ، الذي لا يبدل، ولا يغير. هذا؛ وقيل: غلبة الرسل على نوعين: فمنهم من يؤمر بالحرب، فهو غالب بالحرب، ومن لم يؤمر بالحرب، فهو غالب في الحجة. هذا؛ وقد قال تعالى في سورة (الصافات): {وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنا لِعِبادِنَا الْمُرْسَلِينَ (١٧١) إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ (١٧٢) وَإِنَّ جُنْدَنا لَهُمُ الْغالِبُونَ} وقال تعالى في سورة (غافر) رقم [٥١]: {إِنّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ}.
الإعراب:{كَتَبَ:} فعل ماض. {اللهُ:} فاعله، والجملة الفعلية مستأنفة، لا محل لها.
{لَأَغْلِبَنَّ:}(اللام): واقعة في جواب قسم محذوف، تقديره: وعزتي وجلالي. (أغلبن): فعل مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة التي هي حرف لا محل له، والفاعل مستتر، تقديره:«أنا». {أَنَا:} ضمير منفصل مبني على السكون في محل رفع توكيد للضمير المستتر.
{وَرُسُلِي:} معطوف على الضمير المستتر، فهو مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم، منع من ظهورها اشتغال المحل بالحركة المناسبة، والياء في محل جر بالإضافة، والجملة الفعلية جواب القسم المحذوف لا محل لها، والقسم وجوابه في محل نصب مفعول به لفعل:{كَتَبَ}. هذا؛ وقال الجمل: ضمن {كَتَبَ} معنى: أقسم؛ ولذا أجيب بما يجاب به القسم، وهو قوله:{لَأَغْلِبَنَّ..}. إلخ وضعفه أبو البقاء، وما قاله الجمل قيل به في قوله تعالى:
{قُلْ لِلّهِ كَتَبَ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ..}. إلخ رقم [١٢] من سورة (الأنعام).
الشرح:{لا تَجِدُ قَوْماً..}. إلخ أي: لا يمكن أن ترى أيها السامع جماعة يؤمنون بالله، واليوم الاخر الإيمان الكامل يحبون، ويوالون من عادى الله، ورسوله، وخالف أوامر هما؛ لأن