للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[سورة العصر]

بسم الله الرّحمن الرّحيم

سورة (العصر) وهي مكية في قول ابن عباس والجمهور، ومدنية في قول قتادة، وهي ثلاث آيات، وأربع عشرة كلمة، وثمانية وستون حرفا. انتهى. خازن.

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

{وَالْعَصْرِ (١) إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ (٢)}

الشرح: {وَالْعَصْرِ} أي: الدهر. قاله ابن عباس-رضي الله عنهما-وغيره. فالعصر مثل:

الدهر، ومنه قول الشاعر: [الطويل]

سبيل الهوى وعر وبحر الهوى غمر... ويوم الهوى شهر وشهر الهوى دهر

قيل: أقسم الله به لما فيه من العبر، والعجائب للناظر، وقد ورد في الحديث القدسي: «لا تسبّوا الدهر، فإن الله هو الدهر». وأيضا قوله تعالى في الحديث القدسيّ: «يسبّ ابن آدم الدّهر، وأنا الدهر بيدي الأمر، أقلب الليل والنهار». وذلك؛ لأنهم كانوا يضيفون النوائب، والنوازل إلى الدهر، فأقسم الله به تنبيها على شرفه، وأن الله هو المؤثر فيه، فما حصل من النوائب، والنوازل، كان بقضاء الله وقدره. وقيل: تقديره: ورب العصر، وقد ذكرت مثل ذلك في أول سورة (الذاريات) و (المرسلات) وغيرهما. وقيل: أراد بالعصر: الليل والنهار؛ لأنهما يقال لهما: العصران. قال حميد بن ثور الهلالي: [الطويل]

ولن يلبث العصران يوم وليلة... إذا طلبا أن يدركا ما تيمّما

فنبه الله عز وجل على شرف الليل، والنهار؛ لأنهما خزانتان لأعمال العباد. وقيل: أراد بالعصر: آخر طرفي النهار، ويقال: العصران على التغليب للغداة، والعشي. قال الشاعر: [الطويل]

وأمطله العصرين حتّى يملّني... ويرضى بنصف الدّين والأنف راغم

يقول: إذا جاءني أول النهار؛ وعدته آخره. وقيل: أراد صلاة العصر، أقسم بها لشرفها، ولأنها الصلاة الوسطى في قول بدليل قوله تعالى في سورة (البقرة) رقم [٢٣٨]: {حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطى}. وفي الصحيحين: قال الرسول صلّى الله عليه وسلّم في غزوة الخندق: «شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر». وعن ابن عمر-رضي الله عنهما-عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «الذي

<<  <  ج: ص:  >  >>