{الضُّرُّ:} فاعله، والجملة الفعلية في محل رفع خبر (أن)، و (أن) واسمها وخبرها في تأويل مصدر في محل جر بحرف جر محذوف، التقدير: بأني... إلخ. هذا؛ ويقرأ بكسر الهمزة على تقدير: قال: إني... إلخ، أي: فهي في محل نصب مقول القول لهذا المقدر، والجملة الاسمية:{وَأَنْتَ..}. إلخ في محل نصب حال من {الضُّرُّ} أو من ياء المتكلم، والرابط: الواو فقط على الاعتبارين. وفي الكلام التفات من الغيبة إلى الخطاب. تأمل، وتدبر.
الشرح:{فَاسْتَجَبْنا لَهُ} أي: دعاءه، وانظر الآية [٨٨]، قال الثعلبي: سمعت أستاذنا أبا القاسم بن حبيب يقول: حضرت مجلسا غاصا بالفقهاء، والأدباء في دار السلطان، فسئلت عن هذه الآية، أي السابقة. بعد إجماعهم على أن قول أيوب شكاية، وقد قال الله تعالى:{إِنّا وَجَدْناهُ صابِراً} فقلت: ليس هذا شكاية، وإنما كان دعاء. بيانه:{فَاسْتَجَبْنا لَهُ} والاستجابة تتعقب الدعاء؛ لا الاشتكاء، فاستحسنوه، وارتضوه. وسئل الجنيد عن هذه الآية، فقال: عرّفه فاقة السؤال؛ ليمنّ عليه بكرم النوال. انتهى. قرطبي.
هذا؛ ومدة البلاء كانت ثماني عشرة سنة، وقيل: ثلاث عشرة سنة، فقد روي: أن امرأته قالت له يوما: لو دعوت الله! فقال لها: كم سنة كانت مدة الرخاء، والنعمة؟ فقالت: كانت ثمانين سنة، فقال: أستحيي من الله أن أدعوه، وما بلغت مدة بلائي مدة رخائي.
{فَكَشَفْنا ما بِهِ مِنْ ضُرٍّ:} بالشفاء من مرضه. {وَآتَيْناهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ:} قال ابن عباس، وابن مسعود، وأكثر المفسرين-رضي الله عنهم أجمعين-: رد الله إليه أهله بأعيناهم، أحياهم الله، وأعطاه مثلهم معهم، وهو ظاهر القرآن. قال القرطبي: لأنهم ماتوا ابتلاء قبل انقضاء آجالهم، حسب ما تقدم بيانه في سورة (البقرة) في قصة {الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ} الآية رقم [٢٤٣] وفي قصة السبعين الذين أخذتهم الصعقة، فماتوا، ثم أحيوا الآية رقم [١٥٥] من سورة (الأعراف). وعن ابن عباس في رواية أخرى: أن الله ردّ إلى المرأة شبابها، فولدت له ستة وعشرين ذكرا. وقيل: كان له سبع بنين، وسبع بنات، فأحياهم الله له، وولدت زوجته مثلهم.
وفي الخبر: أن الله بعث إليه جبريل عليه السّلام، فقال له: اركض برجلك، فركض برجله فنبعت عين ماء حار، فأمره أن يغتسل منها، ففعل، فذهب كل داء كان بظاهره، ثم مشى أربعين