خطوة، فأمره أن يضرب الأرض برجله مرة أخرى، ففعل فنبعت عين ماء بارد، فأمره أن يشرب منها، فشرب، فذهب كل داء بباطنه، فصار كأصحّ ما كان.
هذا؛ وعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «بينما أيوب يغتسل عريانا، خرّ عليه جراد من ذهب، فجعل أيّوب يحثي في ثوبه، فناداه ربّه: يا أيوب! ألم أكن أغنيتك عمّا ترى؟! قال: بلى يا ربّ! ولكنّي لا غنى لي عن بركتك». أخرجه البخاري. وعن أنس رضي الله عنه يرفعه: أنه كان لأيوب عليه السّلام أندران: أندر للقمح، وأندر للشّعير، فبعث سحابتين، فأفرغت إحداهما على أندر القمح الذهب، وأفرغت الأخرى على أندر الشعير الورق؛ حتّى فاضا، فقال له جبريل: أشبعت؟ فقال: ومن يشبع من فضل الله؟ فأوحى الله إليه: قد أثنيت عليك بالصّبر قبل وقوعك في البلاء وبعده، ولولا أنّي وضعت تحت كلّ شعرة منك صبرا ما صبرت. انتهى. خازن، وقرطبي بتصرف.
{رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا} أي: كان البلاء لأيوب، والصبر عليه نعمة سابغة، ورحمة عظيمة من العلي القدير؛ الذي تولاه بعنايته، وحفظه من التضجر، وعدم الصبر برعايته. {وَذِكْرى لِلْعابِدِينَ} أي: عبرة، وتذكرة للعابدين إلى يوم القيامة؛ لأنهم إذا ذكروا بلاء أيوب، وصبره عليه، ومحنته له، وهو أفضل أهل زمانه؛ وطّنوا أنفسهم على الصبر على شدائد الدنيا على مثال ما فعل أيوب، وصبروا كما صبر، وأثيبوا كما أثيب.
وأخيرا أذكر لك: أن الله تعالى ذكر أيوب باسمه فقط في الآية رقم [١٦٣] من سورة (النساء)، والآية رقم [٨٤] من سورة (الأنعام)، وذكر في هذه السورة بذكر بلائه ونعمة الله عليه كما ذكر في الآية رقم [٤١] وما بعدها من سورة (ص) بأكثر مما ذكر في هذه السورة، كما ستقف عليه بعون الله تعالى، وتوفيقه.
الإعراب:{فَاسْتَجَبْنا:} فعل، وفاعل، ومفعوله محذوف. {لَهُ:} متعلقان بالفعل قبلهما، والجملة الفعلية مستأنفة لا محل لها. (كشفنا): فعل، وفاعل. {ما:} اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به. {بِهِ:} متعلقان بمحذوف صلة الموصول. {مِنْ ضُرٍّ:}
متعلقان بمحذوف حال من {ما،} و {مِنْ} بيان لما أبهم فيها، وجملة:{فَكَشَفْنا..}. إلخ معطوفة على ما قبلها لا محل لها مثلها، وأيضا جملة:{وَآتَيْناهُ أَهْلَهُ:} معطوفة عليها.
{وَمِثْلَهُمْ:} معطوفة على أهله، والهاء فيهما في محل جر بالإضافة. {مَعَهُمْ:} ظرف مكان متعلق بمحذوف حال من الضمير المجرور محلا بالإضافة، أو من (مثلهم). {رَحْمَةً:} مفعول لأجله، أو مفعول مطلق بفعل محذوف، التقدير: رحمناه رحمة. {مِنْ عِنْدِنا:} متعلقان ب:
{رَحْمَةً،} أو بمحذوف صفة لها. و (نا): في محل جر بالإضافة. {وَذِكْرى:} معطوف على {رَحْمَةً} منصوب مثله... إلخ. {لِلْعابِدِينَ:} متعلقان بذكرى، أو بمحذوف صفة لها.