للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{ثُمَّ أَرْسَلْنا مُوسى وَأَخاهُ هارُونَ بِآياتِنا وَسُلْطانٍ مُبِينٍ (٤٥) إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلائِهِ فَاسْتَكْبَرُوا وَكانُوا قَوْماً عالِينَ (٤٦)}

الشرح: {ثُمَّ أَرْسَلْنا مُوسى وَأَخاهُ هارُونَ:} هذا الإرسال تجده موسعا، وواضحا في سورة (الأعراف) وفي سورة (الشعراء) وسورة (القصص). {بِآياتِنا} أي: التسع المذكورة بالتفصيل في سورة (الأعراف) رقم [١٣٠] وما بعدها. (سلطان مبين): حجة واضحة ملزمة للخصم، ويجوز أن يراد به: العصا. وإفرادها؛ لأنها أول المعجزات، وأمها، تعلقت بها معجزات شتى، كانقلابها حية، وتلقفها ما أفكته السحرة، وانفلاق البحر عند ضربه بها، وانفجار العيون من الحجر كلما ضربه بها، وحراستها له، ومصيرها شمعة تضيء بالليل المظلم، وشجرة خضراء مثمرة، ورشاء، ودلوا، وغير ذلك، ويجوز أن يراد ب‍: (سلطان مبين) المعجزات، وبالآيات:

الحجج الدامغات، وأن يراد بهما المعجزات جميعا، فإنها آيات للنبوة، وحجة بينة على ما يدعيه النبي.

{إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلائِهِ} أي: أعوانه على الظلم، والجبروت، والفساد، والطغيان.

{فَاسْتَكْبَرُوا:} عن الإيمان بالله، والمتابعة لموسى وهارون على نبينا، وعليهما ألف صلاة، وألف سلام. {وَكانُوا قَوْماً عالِينَ} أي: متكبرين قاهرين غيرهم بالظلم، كما قال تعالى في سورة (القصص): {إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَها شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طائِفَةً مِنْهُمْ}. هذا؛ وأصل {عالِينَ} عاليين، فحذفت الكسرة التي على الياء لاستثقالها، ثم حذفت الياء لالتقائها ساكنة مع الياء التي هي علامة الجمع، وهذا في الجمع، كما تحذف من المفرد لالتقائها ساكنة مع التنوين.

الإعراب: {ثُمَّ:} حرف عطف. {أَرْسَلْنا:} فعل، وفاعل. {مُوسى:} مفعول به منصوب، وعلامة نصبه فتحة مقدرة على الألف للتعذر. (أخاه): معطوف على موسى منصوب مثله، وعلامة نصبه الألف نيابة عن الفتحة؛ لأنه من الأسماء الخمسة، والهاء في محل جر بالإضافة.

{هارُونَ:} بدل من (أخاه) أو عطف بيان عليه. {بِآياتِنا:} متعلقان بالفعل أرسلنا، وهما مفعوله الثاني. و (نا): في محل جر بالإضافة. {مُبِينٍ:} صفة (سلطان). {إِلى فِرْعَوْنَ:} متعلقان بالفعل {أَرْسَلْنا،} أو هما متعلقان بمحذوف حال من {مُوسى} و {هارُونَ} أي: حالة كونهما مبعوثين. وقيل: {بِآياتِنا} متعلقان بمحذوف حال أيضا. وما ذكرته سابقا أقوى، وعلامة الجر الفتحة نيابة عن الكسرة؛ لأنه ممنوع من الصرف للعلمية، والعجمة. {وَمَلائِهِ:} معطوف على ما قبله، والهاء في محل جر بالإضافة، وجملة: {أَرْسَلْنا..}. إلخ معطوفة على مثلها في الآية رقم [٢٣] لا محل لها مثلها. {فَاسْتَكْبَرُوا:} ماض، وفاعله، والألف للتفريق، والجملة الفعلية

<<  <  ج: ص:  >  >>