للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشر، ولا يقال في الخير، كما يقال: صار فلان حديثا، أي: عبرة ومثلا، كما قال في آية أخرى، وهي رقم [١٩] من سورة (سبأ): {فَجَعَلْناهُمْ أَحادِيثَ وَمَزَّقْناهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ}.

قال القرطبي قلت: وقد يقال: فلان حديث حسن: إذا كان مقيدا بذكر ذلك. ومنه قول ابن دريد في مقصورته: [الرجز]

وإنّما المرء حديث بعده... فكن حديثا حسنا لمن وعى

هذا؛ ويجدر بي أن أذكر هنا قول أحمد شوقي رحمه الله تعالى: [الكامل]

دقّات قلب المرء قائلة له: ... إنّ الحياة دقائق وثوان

فارفع لنفسك قبل موتك ذكرها... فالذّكر للإنسان عمر ثان

ولا تنس: أن الذكر يكون بالخير لمن عمل صالحا، ونافعا، ويكون بالشر لمن عمل سيئا، ومضرا، فالأنبياء، والصالحاء من علماء وغيرهم يذكرون بالخير، والثناء عليهم. والفاسدون، والطاغون يذكرون بالسوء، والذم لهم أمثال فرعون، ويزيد بن معاوية، والحجاج، ومن على شاكلتهم إلى يوم القيامة.

الإعراب: {ثُمَّ:} حرف عطف. {أَرْسَلْنا:} فعل، وفاعل. {أَرْسَلْنا:} مفعول به، و (نا): في محل جر بالإضافة، والجملة الفعلية معطوفة على مثلها في الآية رقم [٢٣] لا محل لها مثلها.

{تَتْرا:} حال من {أَرْسَلْنا} بمعنى: متواترين، منصوب، وعلامة نصبه فتحة مقدرة على الألف للتعذر. وعلى قراءته بالتنوين فهو مفعول مطلق عامله {أَرْسَلْنا؛} لأنه متضمن معنى: واترنا، أي:

تابعنا. وقيل: هو نعت مصدر محذوف، التقدير: أرسلنا إرسالا متتابعا، أو إرسالا إثر إرسال.

{كُلَّ ما:} (كل): ظريفة متعلقة بجوابها؛ إذ هي تحتاج إلى جملتين مرتبطتين ببعضهما ارتباط فعل الشرط بجوابه، و (ما): مصدرية توقيتية. {جاءَ:} ماض. {أُمَّةً:} مفعول به. {رَسُولُها:}

فاعله، و (ها): في محل جر بالإضافة، و {ما} والفعل جاء في تأويل مصدر في محل جر بإضافة (كلّ) إليه، التقدير: كل وقت مجيء رسولها. وهذا التقدير، وهذه الإضافة هما اللذان سببا الظرفية ل‍: (كل)، وقيل: {ما} نكرة موصوفة، والجملة الفعلية بعدها صفة لها، وهي بمعنى: وقت أيضا.

{كَذَّبُوهُ:} ماض، وفاعله، ومفعوله، والجملة الفعلية جواب {كُلَّ ما} لا محل لها، و {كُلَّ ما} ومدخولها كلام مستأنف لا محل له، أو هو معترض بين الجملتين المتعاطفتين. {فَأَتْبَعْنا:} الفاء:

حرف عطف. (أتبعنا): فعل، وفاعل. {بَعْضَهُمْ:} مفعول به أول، والهاء في محل جر بالإضافة.

{بَعْضاً:} مفعول به ثان، والجملة الفعلية معطوفة على جملة: {أَرْسَلْنا..}. إلخ لا محل لها مثلها، وجملة: {وَجَعَلْناهُمْ أَحادِيثَ} معطوفة أيضا على ما قبلها، لا محل لها مثلها، وإعرابها واضح.

{فَبُعْداً لِقَوْمٍ:} هو مثل الآية رقم [٤١]، والجملة المنفية: {لا يُؤْمِنُونَ} في محل جر صفة (قوم).

<<  <  ج: ص:  >  >>