عباس-رضي الله عنهما-: وكان سليمان رجلا مهيبا لا يبتدأ بشيء حتى يكون هو الذي يسأل عنه، فخرج يوما، فجلس على سريره، فسمع رهجا قريبا منه، قال: ما هذا؟ قالوا: بلقيس قد نزلت منا بهذا المكان، وكان على مسيرة فرسخ من سليمان، فأقبل سليمان على جنوده، فقال:
{يا أَيُّهَا الْمَلَؤُا..}. إلخ ولا تنس: أن «رجع» يكون متعديا، ولازما.
الإعراب:{اِرْجِعْ:} فعل أمر، وفاعله مستتر تقديره:«أنت». {إِلَيْهِمْ:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما. {فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ:} الفاء: حرف تعليل وقيل: حرف استئناف، والأول أقوى.
اللام: واقعة في جواب قسم مقدر، تقديره: والله، والجار والمجرور متعلقان بفعل محذوف، تقديره: أقسم. (نأتينهم): فعل مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة، التي هي حرف لا محل، والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره:«نحن»، والهاء ضمير متصل في محل نصب مفعول به. {بِجُنُودٍ:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما، والجملة الفعلية جواب القسم المقدر، لا محل لها. {لا:} نافية للجنس تعمل عمل «إن». {قِبَلَ:} اسم {لا} مبني على الفتح في محل نصب. {لَهُمْ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر: {لا}. {بِها:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر ثان. وقيل متعلقان ب:{قِبَلَ} لتضمنه معنى المصدر، وتعليقهما بمحذوف حال من الضمير المستتر في الخبر المحذوف جيد معنى. تأمل. والجملة الاسمية:
{لا قِبَلَ..}. إلخ في محل جر صفة:(جنود). {وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْها} هذه الجملة معطوفة على ما قبلها. وهي في التقدير جواب لقسم مقدر، وإعرابها مثل إعراب سابقتها. {أَذِلَّةً:} حال من الضمير المنصوب. {وَهُمْ:} الواو: واو الحال، (هم): ضمير منفصل مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. {صاغِرُونَ:} خبره مرفوع، وعلامة رفعه الواو... إلخ، والجملة الاسمية:{وَهُمْ صاغِرُونَ} في محل نصب حال من الضمير المنصوب، والرابط: الواو، والضمير، وقد تعددت الحال مختلفة في الإفراد والجملة، بعد هذا: فالآية كلها في محل نصب مقول القول؛ لأنها من جملة كلام سليمان، على نبينا، وحبيبنا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام.
الشرح:{قالَ يا أَيُّهَا الْمَلَؤُا:} هذا النداء لكلّ من هو عنده في قبضته من الجن، والإنس، والطير، وغير ذلك. {أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِها:} يحضره إليّ. {قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ:} طائعين منقادين، وكان سليمان إذ ذاك في بيت المقدس، وعرشها في سبأ، بلدة في اليمن، وبينها وبين بيت المقدس مسيرة شهرين.
هذا؛ ولقد اختلف في فائدة إحضار عرشها قبل حضورها. قيل: غرض سليمان في ذلك ليريها قدرة الله تعالى، وإظهار معجزة دالة على نبوته. وقيل: أراد أن ينكّره، ويغيّره قبل مجيئها