الشرح:{وَإِذا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ} أي: ليحكم النبي صلّى الله عليه وسلّم، فإنه الحاكم ظاهرا، أو المدعو إليه، وذكر الله لتعظيمه، والدلالة على أن حكمه في الحقيقة حكم الله. {إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ} أي: فاجأ فريق منهم الإعراض إذا كان الحق عليهم، لعلمهم بأنك لا تحكم لهم، بل تحكم عليهم؛ لأنك لا تحكم إلا بالحق، وهو مبالغة في شرح التولي، والإعراض عن حكم الرسول صلّى الله عليه وسلّم، وعدم الرضا به.
{وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ} أي: إذا عرفوا: أن الحق معهم ولهم على غيرهم. {يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ} أي: مطيعين منقادين لحكمه لثقتهم: أنه كما يحكم عليهم بالحق يحكم لهم أيضا، لا رضا بحكم الله، وحكم رسوله.
قال الزجاج: الإذعان: الإسراع مع الطاعة، والمعنى: أنهم لمعرفتهم: أنه ليس معك إلا الحق الخالص والعدل البحت يمتنعون عن المحاكمة إليك إذا كانوا مبطلين؛ لئلا تنتزع الحق من قلوبهم، وعيونهم بقضائك عليهم لخصومهم، وإن عرفوا، وأيقنوا: أن الحق لهم على خصمهم؛ أسرعوا إليك، ولم يرضوا إلا بحكومتك لتأخذ لهم ما وجب لهم في ذمة غيرهم.
وهذا المرض قد استشرى عند الأغلبية الساحقة من المسلمين في هذه الأيام، ولا حول ولا قوة إلا بالله، فأكثرهم لا يرضون بشرع الله.
الإعراب:{وَإِذا:} الواو: حرف عطف. (إذا): انظر الآية رقم [٣٩]. {دُعُوا:} ماض مبني للمجهول، مبني على الضم، والواو نائب فاعله، والألف للتفريق. {إِلَى اللهِ:} متعلقان بالفعل قبلهما، وتقدير الكلام: دعوا إلى حكم الله، وحكم رسوله، فحذف المضاف لوضوحه.
{وَرَسُولِهِ:} معطوف على ما قبله، والهاء في محل جر بالإضافة. {لِيَحْكُمَ:} مضارع منصوب ب: «أن» المضمرة جوازا بعد لام التعليل، والفاعل يعود إلى (رسوله).
{بَيْنَهُمْ:} ظرف مكان متعلق بالفعل قبله، والهاء في محل جر بالإضافة، و «أن» المضمرة والفعل المضارع في تأويل مصدر في محل جر بلام التعليل، والجار والمجرور متعلقان بالفعل قبلهما، وجملة:{دُعُوا إِلَى..}. إلخ في محل جر بإضافة (إذا) إليها على المشهور المرجوح.
{إِذا:} كلمة دالة على الفجاءة، وانظر الآية رقم [٩٧] من سورة (الأنبياء) تجد البحث وافيا كافيا. {فَرِيقٌ:} مبتدأ. {مِنْهُمْ:} متعلقان بمحذوف صفة {فَرِيقٌ}. {مُعْرِضُونَ:} خبر المبتدأ مرفوع، وعلامة رفعه الواو نيابة عن الضمة؛ لأنه جمع مذكر سالم، والنون عوض عن التنوين في