للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تنبيه: نصّ الآية يفيد: أن دخول الجنة بسبب الأعمال الصالحة، والرسول صلّى الله عليه وسلّم يقول: «لن يدخل أحدا عمله الجنة». قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟! قال: «ولا أنا إلاّ أن يتغمّدني الله بفضله، ورحمته، فسدّدوا، وقاربوا... إلخ». أخرجه البخاري عن أبي هريرة-رضي الله عنه-، وقد قال تعالى في سورة (الأعراف) الآية رقم [٤٣]: {وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوها بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ،} ومثلها في الزخرف رقم [٧٢].

والجمع بين هذه الآيات والحديث الشريف بأن محمل آية الأعراف وآية الزخرف على أن منازل الجنة إنما تنال بالأعمال؛ لأن درجات الجنة متفاوتة بحسب تفاوت الأعمال، وأن محمل الحديث على أصل دخول الجنة، فإن قيل: آية النحل التي الكلام فيها صريحة في أن دخول الجنة؛ أيضا بالأعمال، وأجيب بأنه لفظ مجمل بينه الحديث الشريف، والتقدير: ادخلوا منازل الجنة وقصورها بما كنتم تعملون، وليس المراد أصل الدخول، أو المراد: ادخلوها، بما كنتم تعملون مع رحمة الله لكم، وتفضله عليكم؛ لأن اقتسام منازل الجنة برحمته، وكذا أصل دخولها حيث ألهم العاملين ما نالوا به ذلك، ولا يخلو شيء من مجازاته لعباده من رحمته وفضله، لا إله إلا هو له الملك، وله الحمد. انتهى. حاشية الشنواني على مختصر ابن أبي جمرة. وانظر ما ذكرته في آية الأعراف فإنه جيد أيضا، والله الموفق، والمعين، وبه أستعين.

الإعراب: {الَّذِينَ تَتَوَفّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ:} انظر الآية رقم [٢٨] ففيها الكفاية؛ إذ الإعراب لا يتغير. {يَقُولُونَ:} مضارع مرفوع.. إلخ، والواو فاعله. {سَلامٌ:} مبتدأ، وساغ ذلك؛ لأنه بمعنى: الدعاء. {عَلَيْكُمْ:} متعلقان بمحذوف خبر المبتدأ، والجملة الاسمية في محل نصب مقول القول. {اُدْخُلُوا:} أمر مبني على حذف النون، والواو فاعله، والألف للتفريق.

{الْجَنَّةَ:} ظرف مكان متعلق بالفعل قبله عند بعض النحاة، وفي مقدمتهم سيبويه، والمحققون وعلى رأسهم الأخفش ينصبونه على التوسع في الكلام، بإسقاط الخافض، لا على الظرفية، فهو منتصب انتصاب المفعول به على السعة، بإجراء اللازم مجرى المتعدي، ومثل ذلك قل في:

«دخلت المدينة، ونزلت البلد، وسكنت الشام». {بِما:} متعلقان بالفعل قبلهما، وانظر تفصيل الإعراب في الآية رقم [٢٨] فهو مثله بلا فارق، وجملة: {اُدْخُلُوا..}. إلخ في محل نصب مقول القول، وجملة: {يَقُولُونَ..}. إلخ في محل نصب حال من الملائكة، أو في محل رفع خبر {الَّذِينَ} على اعتباره مبتدأ، ويكون الرابط محذوفا، التقدير: يقولون لهم... إلخ.

{هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاّ أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ كَذلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَما ظَلَمَهُمُ اللهُ وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (٣٣)}

الشرح: {هَلْ يَنْظُرُونَ} إلى قوله تعالى: {رَبِّكَ} أي: ما ينتظر أهل مكة إلا أن... إلخ، وهم ما كانوا منتظرين الملائكة التي تنزل لقبض أرواحهم، وما كانوا منتظرين العذاب والهلاك

<<  <  ج: ص:  >  >>