للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإعراب: {فَأَمَّا:} الفاء: حرف تفريع، واستئناف. (أما): أداة شرط، وتفصيل، وتوكيد. أمّا كونها أداة شرط؛ فلأنها قائمة مقام أداة الشرط، وفعله بدليل لزوم الفاء بعدها؛ إذ الأصل: مهما يك من شيء؛ فالذين كفروا... إلخ، فأنيبت (أمّا) مناب «مهما يك من شيء» فصار: (أما {الَّذِينَ كَفَرُوا}). وأما كونها أداة تفصيل؛ فلأنها في الغالب تكون مسبوقة بكلام مجمل، وهي تفصله.

ويعلم ذلك من تتبع مواقعها. وأمّا كونها أداة توكيد؛ فلأنها تحقق الجواب، وتفيد: أنّه واقع لا محالة؛ لكونها علقته على أمر متيقن. {الَّذِينَ:} اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ، وجملة: {كَفَرُوا} صلة الموصول، لا محل لها. {فَأُعَذِّبُهُمْ:} الفاء: واقعة في جواب: (أما).

(أعذبهم): فعل مضارع، والفاعل مستتر تقديره: أنا، والهاء مفعول به، والجملة الفعلية في محل رفع خبر المبتدأ، والجملة الاسمية: {الَّذِينَ..}. إلخ مستأنفة لا محل لها. هذا؛ وأجيز اعتبار الجملة الفعلية في محل رفع خبر لمبتدإ محذوف، التقدير: فأنا أعذبهم، وعليه فالجملة الاسمية في محل رفع خبر المبتدأ: {الَّذِينَ}. {عَذاباً:} مفعول مطلق، وهو اسم مصدر؛ لأن المصدر:

تعذيب. {شَدِيداً:} صفته. {فِي الدُّنْيا:} جار، ومجرور، متعلقان بالفعل: (أعذب) أو هما متعلقان بمحذوف صفة ثانيا ل‍ {عَذاباً} أو هما متعلقان بمحذوف حال منه، بعد وصفه بما تقدّم.

{وَما:} الواو: واو الحال. ({ما}): نافية. {لَهُمْ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدم.

{مِنْ:} حرف جر صلة. {ناصِرِينَ:} مبتدأ مؤخر مرفوع، وعلامة رفعه الواو المقدرة على آخره، منع من ظهورها اشتغال المحل بالياء، التي جلبها حرف الجر الزائد، والنون عوض عن التنوين في الاسم المفرد، وإن اعتبرت: (ما) نافية حجازية؛ فالأمر واضح، والجملة الاسمية في محل نصب حال من الضمير الواقع مفعولا به، والرابط: الواو، والضمير.

{وَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَاللهُ لا يُحِبُّ الظّالِمِينَ (٥٧)}

الشرح: {وَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ:} الأعمال الصالحات على تفاوتها، واختلاف درجاتها. وعطف العمل الصالح على الإيمان يسمّى احتراسا. انظر الآية رقم [٢٧٧] من سورة (البقرة). {فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ:} يعطيهم ثواب أعمالهم الصالحة كاملا غير منقوص في الدنيا بالنّصر، والظفر، وفي الآخرة في الجنات العالية، والنعيم المقيم. {وَاللهُ لا يُحِبُّ الظّالِمِينَ} أي: يسخط، ولا يرحم الظالمين الذين ظلموا أنفسهم بالكفر، وارتكاب المعاصي، والمنكرات، هذا وعدم محبّة الله كناية عن البغض، والسخط، والغضب، والطرد من رحمته ورضوانه. ومحبته للعبد رضاه عنه، وغفر ذنوبه، وستر عيوبه.

تنبيه: لمّا ذكر الله في الآية السابقة الكافرين، وما أعدّ لهم من العذاب الشديد، والعقاب الأليم؛ ذكر في هذه الآية المؤمنين الصادقين، وما أعدّ لهم من النعيم المقيم في جنات النعيم.

<<  <  ج: ص:  >  >>