للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[سورة الأنعام]

وهي مكية ما عدا ست آيات منها فإنها مدنية، وهي قوله تعالى: {قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ..}. إلخ الثلاث آيات المتضمنة عشر وصايا، والآيات الثلاث: {وَما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ..}. إلخ إلى قوله {تَسْتَكْبِرُونَ}. وقد نزلت جملة واحدة غير الآيات المشار إليها، نزلت ليلا، فدعا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الكتاب، فكتبوها من ليلتهم. وآياتها مائة وخمس وستون، أو أربع وستون.

بسم الله الرّحمن الرّحيم

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

{الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ (١)}

الشرح: انظر البسملة والكلام عليها في أول سورة الفاتحة. {الْحَمْدُ لِلّهِ:} لا أتكلم على هذين اللفظين بأكثر مما ذكرته في أول سورة الفاتحة. {خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ:} خصهما بالذكر لأنهما أعظم المخلوقات فيما يرى العباد، وجمع السموات دون الأرض، وهي مثلهن لأن طبقاتها مختلفة بالذات، متفاوتة بالصفات، والآثار، والحركات، وقدمها لشرفها وعلو مكانها وتقدم وجودها، ولأنها متعبد الملائكة، ولم يقع فيها معصية، و (جعل) هنا بمعنى: خلق وأنشأ.

قال البيضاوي-رحمه الله تعالى-الفرق بين {خَلَقَ} و {جَعَلَ} الذي له مفعول واحد أن الخلق فيه معنى التقدير، والجعل فيه معنى التضمين، ولذلك عبر عن إحداث النور والظلمات بالجعل تنبيها على أنهما لا يقومان بأنفسهما كما زعمت المجوس، وجمع الظلمة لأنها متعددة، وتختلف باختلاف الشيء الذي تكون فيه، مثل ظلمة الليل، وظلمة البحر، وظلمة الموضع المظلم، فإن كل واحد منها يخالف صاحبه، ووحد (النور) لأنه نوع واحد لا يختلف، وقدم {الظُّلُماتِ} لأنها مخلوقة قبل النور.

فعن عبد الله بن عمرو بن العاص-رضي الله عنه-عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: «إنّ الله خلق خلقه في ظلمة، ثمّ ألقى عليهم من نوره، فمن أصابه ذلك النور اهتدى، ومن أخطأه ضلّ». ذكره البغوي. هذا؛ وانظر تفسيرا آخر للظلمات والنور في الآية رقم [١٨] (المائدة). {ثُمَّ:} انظر الآية رقم [٤٦] (المائدة). {كَفَرُوا:} انظر الآية رقم [٣٩] منها. {بِرَبِّهِمْ:} انظر سورة الفاتحة.

<<  <  ج: ص:  >  >>