للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والنسي في كلام العرب الشيء الحقير الذي شأنه أن ينسى، ولا يتألم لفقده كالوتد، والحبل للمسافر، ونحوه. وقال الفراء: النّسيّ: ما تلقيه المرأة من خرق اعتلالها. وهو يعني: خرق حيضها، ويقرأ {نَسْياً} بقراءات كثيرة، {مَنْسِيًّا:} هو بمعنى: الأول، وهو في إعلاله مثل:

{مَقْضِيًّا} في الآية رقم [٢١].

الإعراب: {فَأَجاءَهَا:} الفاء: حرف استئناف. (أجاءها): ماض، و (ها): مفعول به.

{الْمَخاضُ:} فاعله، والجملة الفعلية مستأنفة، لا محل لها. {إِلى جِذْعِ:} متعلقان بمحذوف حال من {الْمَخاضُ} أو هما متعلقان بالفعل قبلهما، ويؤيده المعنى. تأمل، و {جِذْعِ:} مضاف، و {النَّخْلَةِ} مضاف إليه. {قالَتْ:} ماض، والتاء للتأنيث، والفاعل يعود إلى مريم. (يا): حرف تنبيه. وقيل: أداة نداء، والمنادى محذوف، التقدير: يا قوم، ونحوه. وهو ضعيف. (ليتني):

حرف مشبه بالفعل، والنون للوقاية، وياء المتكلم اسمها. {مِتُّ:} فعل، وفاعل وفي الحقيقة:

فعل ونائب فاعله؛ لأن الإنسان لا يموت بنفسه. {قَبْلَ:} ظرف زمان متعلق بالفعل قبله، و {قَبْلَ:} مضاف، و {هذا:} اسم إشارة مبني على السكون في محل جر بالإضافة، والهاء حرف تنبيه لا محل له، وجملة: {مِتُّ..}. إلخ في محل رفع خبر (ليت)، وجملة: {يا لَيْتَنِي..}.

إلخ في محل نصب مقول القول. وجملة: {قالَتْ..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها، واعتبارها حالا جيد، وتكون «قد» قبلها مقدرة. {وَكُنْتُ:} ماض ناقص مبني على السكون، والتاء اسمها.

{نَسْياً:} خبرها. {مَنْسِيًّا:} توكيد لما قبله، أو هو صفة، وجملة: {وَكُنْتُ..}. إلخ معطوفة على جملة: {مِتُّ..}. إلخ فهي في محل رفع مثلها.

{فَناداها مِنْ تَحْتِها أَلاّ تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا (٢٤)}

الشرح: {فَناداها مِنْ تَحْتِها:} يقرأ بفتح الميم وكسرها. قال ابن عباس-رضي الله عنهما-:

المراد ب‍: (من) جبريل، ولم يتكلم عيسى حتى أتت به قومها. وقاله علقمة، والضحاك، وقتادة، ففي هذا لها آية، وأمارة: أن هذا من الأمور الخارقة للعادة التي لله فيها مراد عظيم. انتهى.

قرطبي. قيل: كانت على أكمة، وجبريل وراء الأكمة. وقيل: إن الذي ناداها هو عيسى عليه السّلام. {أَلاّ تَحْزَنِي} أي: من أجل، ولادتك. {قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا:} المراد به: عيسى، والسري من الرجال: العظيم الخصال، الكريم الفعال، وكان عيسى عليه السلام من أعظم الرجال، كيف لا؟ وهو من الرسل أولي العزم الكرام. وقيل: المراد به: نهرا سريا؛ أي:

جاريا، وكان قد جف ماؤه، فأجراه الله لمريم عليها السّلام تكريما لها. وقيل: ضرب عيسى -وقيل: جبريل-برجله في الأرض، فظهرت عين ماء عذبة، وجرت. هذا؛ والسري: النهر جاء في قول لبيد بن ربيعة الصحابي-رضي الله عنه-من معلقته: [الكامل]

فتوسّطا عرض السّريّ وصدّعا... مسجورة متجاورا قلاّمها

<<  <  ج: ص:  >  >>