لاه ابن عمّك لا أفضلت في حسب... عنّي ولا أنت ديّاني فتخزوني
وهو هنا من الرباعي من: أخزى، يخزي، وهو من الثلاثي: خزي، يخزى خزاية بمعنى:
استحيا، وخجل، وقال نهشل بن حري الدارمي من قصيدة يرثي بها أخاه مالكا، وكان قد قتل بصفين مع الإمام علي-كرم الله وجهه-: [الطويل]
أخ ما جد لم يخزني يوم مشهد... كما سيف عمرو، لم تخنه مضاربه
وفي البخاري: عن أبي هريرة-رضي الله عنه-، عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال:«إنّ إبراهيم يرى أباه يوم القيامة عليه الغبرة، والقترة». والغبرة: هي القترة، وعنه أيضا عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال:«يلقى إبراهيم أباه، فيقول: يا ربّ، إنك وعدتني ألاّ تخزني يوم يبعثون، فيقول الله تعالى: إنّي حرّمت الجنّة على الكافرين». انفرد بها البخاري رحمه الله تعالى. انتهى. قرطبي.
الإعراب:{وَلا:} الواو: حرف عطف. (لا): دعائية متضمنة معنى النهي. {تُخْزِنِي:} فعل مضارع مجزوم ب (لا)، وعلامة جزمه حذف حرف العلة من آخره، وهو الياء، والكسرة قبلها دليل عليها، والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره:«أنت»، والنون للوقاية، وياء المتكلم مفعول به. {يَوْمَ:} ظرف زمان متعلق بالفعل قبله. {يُبْعَثُونَ:} فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع، وعلامة رفعه ثبوت النون... إلخ، والواو نائب فاعله، والجملة الفعلية في محل جر بإضافة {يَوْمَ} إليها، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها، فهي في محل نصب مقول القول أيضا.
الشرح: قال البيضاوي-رحمه الله تعالى-: أي: لا ينفع مال، ولا بنون أحدا إلا مخلصا، سليم القلب من الكفر، وميل المعاصي، وسائر آفاته. أو لا ينفعان أحدا إلا مال من هذا شأنه، وبنوه، حيث أنفق ماله في سبيل البر، وأرشد بنيه إلى الحق، وحثهم على الخير، وقصد بهم أن يكونوا عباد الله مطيعين، شفعاء له يوم القيامة.
هذا؛ واختلف في «القلب السليم» على أقوال كثيرة، قال الضحاك: هو السليم الخالص، وهذا القول يجمع شتات الأقوال بعمومه، أي: الخالص من الأوصاف الذميمة، كالعجب، والكبر، والحقد، والحسد، والرياء، والنفاق، والمتصف بالأوصاف الجميلة. وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة-رضي الله عنه-عن النبي صلّى الله عليه وسلّم، قال:«يدخل الجنة أقوام أفئدتهم مثل أفئدة الطّير». يريد، والله أعلم: أنها مثلها في أنها خالية من كل ذنب، سليمة من كل عيب، لا خبرة لهم بأمور الدنيا. وقيل: قلب سليم من الكفر والنفاق، فقلب الكافر، والمنافق مريض،