للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظّالِمِينَ} أي: من بدأ بالظلم. قاله سعيد بن جبير. وقيل: لا يحب من يتعدى في الاقتصاص، ويجاوز الحد. قاله ابن عيسى. انتهى. قرطبي، ومعنى عدم حب الله الظالمين:

سخطه عليهم، وطردهم من رحمته، وحرمانهم من جوده، وكرمه، وإحسانه. ومعنى حب الله المتقين من المؤمنين: رضاه عنهم، وتقريبهم من رحمته، وإغداق جوده وكرمه عليهم؛ لأنّ الله منزّه عن الحب، والبغض المتعارفين بين الناس.

الإعراب: {وَجَزاءُ:} الواو: حرف استئناف. (جزاء): مبتدأ، وهو مضاف، و {سَيِّئَةٍ} مضاف إليه. {سَيِّئَةٍ:} خبره، والجملة الاسمية مستأنفة، لا محلّ لها. {مِثْلُها:} صفة:

{سَيِّئَةٍ،} و «ها»: في محل جر بالإضافة. {فَمَنْ:} الفاء: حرف استئناف وتفريع. (من): اسم شرط جازم مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. {عَفا:} فعل ماض مبني على فتح مقدر على الألف للتعذر، وهو في محل جزم فعل الشرط، والفاعل يعود إلى (من). {وَأَصْلَحَ:}

معطوف على ما قبله، وفاعله يعود إلى (من). {فَأَجْرُهُ:} الفاء: واقعة في جواب الشرط.

(أجره): مبتدأ، والهاء في محل جر بالإضافة. {عَلَى اللهِ:} متعلقان بمحذوف خبر المبتدأ، والجملة الاسمية في محل جزم جواب الشرط عند الجمهور، والدسوقي يقول: لا محلّ لها؛ لأنّها لم تحل محل المفرد، وخبر المبتدأ الذي هو (من) مختلف فيه كما رأيت في الآية رقم [١٠]. هذا؛ وإن اعتبرت (من) اسما موصولا فهو مبتدأ، والجملة الفعلية بعده صلته، والجملة الاسمية: {فَأَجْرُهُ عَلَى اللهِ} خبره، واقترن الخبر بالفاء؛ لأنّ الموصول يشبه الشرط في العموم، والجملة الاسمية مستأنفة، لا محلّ لها.

{إِنَّهُ:} حرف مشبه بالفعل، والهاء اسمه. {لا:} نافية. {يُحِبُّ:} مضارع، والفاعل يعود إلى {اللهِ}. {الظّالِمِينَ:} مفعول به منصوب، وعلامة نصبه الياء، والجملة الفعلية في محل رفع خبر (إنّ)، والجملة الاسمية تعليلية مستأنفة، لا محلّ لها.

{وَلَمَنِ اِنْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولئِكَ ما عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ (٤١)}

الشرح: المعنى: إنّ المسلم إذا انتقم من الكافر، وأخذ بالثأر منه؛ فلا سبيل إلى لومه، بل يحمد على ذلك مع الكافر، ولا لوم إن انتصر الظالم من المسلم، فالانتصار من الكافر حتم، ومن المسلم مباح، والعفو مندوب. {فَأُولئِكَ ما عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ} أي: ليس عليهم إثم، ومؤاخذة في الانتصار ممن ظلمهم، وخذ ما يلي:

فعن عروة بن الزبير-رضي الله عنهما-قال: قالت عائشة-رضي الله عنها-: (ما علمت حتى دخلت عليّ زينب بغير إذن، وهي غضبى، ثم قالت لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم: حسبك إذا قلبت لك ابنة أبي بكر درعها! ثم أقبلت عليّ، فأعرضت عنها؛ حتى قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «دونك فانتصري!».

<<  <  ج: ص:  >  >>