للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يستحقون منه النصر بحكم وعده الحق. {وَأَنَّ ما يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْباطِلُ} أي: الأصنام التي يعبدونها لا استحقاق لها في العبادات.

{وَأَنَّ اللهَ هُوَ الْعَلِيُّ} أي: العالي على كل شيء بقدرته، والعالي عن الأشباه، والأنداد، المقدس عما يقول الظالمون من الصفات التي لا تليق بجلاله. {الْكَبِيرُ} أي: الموصوف بالعظمة، والجلال، وكبر الشأن. وقيل: {الْكَبِيرُ} ذو الكبرياء، والكبرياء عبارة عن كمال الذات؛ أي: له الوجود المطلق أبدا، وأزلا، فهو الأول القديم، والآخر الباقي بعد فناء خلقه انتهى... قرطبي.

بعد هذا انظر شرح {الْحَقُّ} في الآية رقم [٨١] من سورة (الإسراء) وضده: الباطل، وهو بمعنى الفاسد، والبطلان: عبارة عن عدم الشيء، إما بعدم ذاته، أو بعدم فائدته، ونفعه. هذا؛ وبطل: من باب: دخل، والبطل بفتحتين: الشجاع، والبطل بضم، فسكون: الباطل، والكذب، والبطالة: التعطل، والتفرغ عن العمل، ويجمع باطل على أباطيل شذوذا، كما شذ: أحاديث، وأعاريض، وأفاظيع في جمع: حديث، وعريض، وفظيع.

الإعراب: {ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ..}. إلخ: إعراب هذه الآية مثل إعراب الآية رقم [٦] بلا فارق، وأوضح لك إعراب ما يلي. (أن): حرف مشبه بالفعل. {ما:} اسم موصول مبني على السكون في محل نصب اسمها، والجملة بعدها صلتها، والعائد محذوف، التقدير: وأن الذي يدعونه.

{مِنْ دُونِهِ:} متعلقان بمحذوف حال من الضمير المنصوب العائد إلى {ما،} ومن بيان لما أبهم في {ما،} وباقي الإعراب مثل سابقه، ولا حقه بلا فارق. هذا؛ والآية مذكورة، بحروفها في سورة لقمان برقم [٣٠].

{أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً إِنَّ اللهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ (٦٣)}

الشرح: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً:} ألم تعلم أن الله... إلخ: استفهام تقريري، ولذلك لم ينصب الفعل بعد الفاء، وهو عند سيبويه والخليل كلام خبري، قال الخليل:

المعنى: انتبه أنزل الله من السماء ماء، فكان كذا، وكذا، ومثله قول جميل بثينة: [الطويل]

ألم تسأل الرّبع القواء فينطق... وهل تخبرنك اليوم بيداء سملق؟

معناه قد سألته فنطق، وقال الفراء: {أَلَمْ تَرَ} خبر، كما تقول في الكلام: أعلم أن الله عز وجل ينزل من السماء ماء، هذا؛ والفعل (تصبح) بمعنى الماضي، وإنما عدل به عن صيغة الماضي للدلالة على بقاء أثر المطر زمانا بعد زمان. وأيضا: لم ينصب الفعل بعد الفاء؛ لأن

<<  <  ج: ص:  >  >>