أو هو جمع: مقليد، مثل: منديل، ومناديل، وعلى جميع الاعتبارات في الكلام استعارة بديعية. نحو ذلك: بيد فلان مفتاح هذا الأمر. وليس ثمّ مفتاح، وإنما هو عبارة عن شدة تمكنه من ذلك الشيء. والمعنى: أن الله تعالى مالكهما، وحافظهما، ومدبر شؤونهما. وعن عثمان بن عفان-رضي الله عنه-أنه سأل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن تفسير قوله تعالى:{لَهُ مَقالِيدُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ} فقال: «يا عثمان! ما سألني عنها أحد قبلك! تفسيرها: لا إله إلا الله، والله أكبر، وسبحان الله وبحمده، وأستغفر الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله، هو الأول والآخر، والظاهر، والباطن، بيده الخير، يحيي ويميت، وهو على كلّ شيء قدير». والمعنى: على هذا: أنّ لله هذه الكلمات يوحد بها، ويمجد، وهي مفاتيح خير السموات، والأرض، من تكلم بها؛ فقد أصابه.
هذا؛ وقيل: مقاليد السموات: خزائن الرحمة، والرزق، والمطر، ومقاليد الأرض: ما يخرج منها من نبات.
{وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللهِ} أي: بآيات القرآن الظاهرة، والمعجزات الباهرة. {أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ} أي: خسروا دنياهم، وآخرتهم. وانظر ما ذكرته في الآية رقم [١٥].
الإعراب:{لَهُ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدم. {مَقالِيدُ:} مبتدأ مؤخر، والجملة الاسمية معترضة كما ستعرفه، و {مَقالِيدُ} مضاف، و {السَّماواتِ} مضاف إليه.
(الأرض): معطوف على ما قبله. {وَالَّذِينَ:} الواو: حرف عطف. (الذين): مبتدأ، وجملة:
{كَفَرُوا بِآياتِ اللهِ} صلة الموصول، لا محل لها. {أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ} انظر إعراب مثلها في الآية رقم [٣٣]. والجملة الاسمية في محل رفع خبر المبتدأ، والجملة الاسمية:{وَالَّذِينَ..}.
إلخ معطوفة على جملة:(ينجي...) إلخ فهي من عطف أحد المتقابلين على الآخر، وإن كان المعطوف جملة اسمية، والمعطوف عليه جملة فعلية، فهذا لا يمتنع. غايته: أنه خال عن حسنه. انتهى. جمل. وبه قال ابن هشام في المغني، وهذا يعني: أن ما بينهما معترض لا محل له.
الشرح:{قُلْ أَفَغَيْرَ اللهِ تَأْمُرُونِّي..}. إلخ: أي: أبعد مشاهدة الآيات الدالة على انفراده بالألوهية أعبد غيره؟! ثم وصفهم بالجهل، وهو شر ما يوصف به إنسان، وذلك أن كفار قريش دعوا النبي صلّى الله عليه وسلّم إلى ما هم عليه من عبادة الأصنام، وقالوا: هو دين آبائك، فوصفهم بالجهل؛ لأن الدليل القاطع قد قام بأن الله هو المستحق للعبادة، فمن عبد غيره فهو جاهل.
هذا؛ وقرئ {تَأْمُرُونِّي} بتشديد النون، وتخفيفها، فعلى الأولى تكون نون الوقاية قد أدغمت في نون الرفع بعد تسكينها، وعلى الثاني تكون قد حذفت إحدى النونين على اختلاف في