للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا قول غير سيبويه. {وَكُنّا:} الواو: حرف عطف. (كنا): فعل ماض ناقص مبني على السكون، و (نا): اسمه، {تُراباً:} خبره، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها، فهي في محل جر مثلها. {وَعِظاماً:} معطوف على ما قبله. {أَإِنّا:} الهمزة: حرف استفهام إنكاري. (إنا):

حرف مشبه بالفعل، و (نا): اسمها، حذفت نونها، وبقيت الألف دليلا عليها. {لَمَبْعُوثُونَ:}

اللام: هي المزحلقة. (مبعثون): خبر (إنّ) مرفوع، وعلامة رفعه الواو... إلخ، والجملة الاسمية: {أَإِنّا..}. إلخ مؤكدة لما قبلها، والاستفهام فيها مبالغة في الإنكار وبدون الاستفهام فيها حصل الإنكار بالأولى، وهذه مرتبطة فيها، فالإنكار، بالأولى إنكار فيها أيضا، ولا تنس:

أن الآية في محل نصب مقول القول ل‍: (قالوا) في الآية السابقة.

{أَوَآباؤُنَا الْأَوَّلُونَ (١٧) قُلْ نَعَمْ وَأَنْتُمْ داخِرُونَ (١٨) فَإِنَّما هِيَ زَجْرَةٌ واحِدَةٌ فَإِذا هُمْ يَنْظُرُونَ (١٩)}

الشرح: {أَوَآباؤُنَا الْأَوَّلُونَ} أي: أو آباؤنا الأولون كذلك سيبعثون؟! وهذا منهم زيادة استبعاد في الحشر، والحساب، والجزاء بعد الموت. يعنون: أنهم أقدم منهم، فبعثهم أبعد، وأبطل. {قُلْ:} أمر للنبي صلّى الله عليه وسلّم. {نَعَمْ} أي: نعم تبعثون بلا شك وبلا ريب ورغم أنوفكم، {وَأَنْتُمْ داخِرُونَ:} صاغرون، أذلاء حقيرون. قال تعالى: {وَكُلٌّ أَتَوْهُ داخِرِينَ}. الآية رقم [٨٧] من سورة (النمل)، وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ}. الآية رقم [٦٠] من سورة (غافر). {فَإِنَّما هِيَ زَجْرَةٌ:} المراد بها: الصيحة الثانية، وهي صيحة إسرافيل، التي رأيتها في الآية رقم [٤٩] من سورة (يس) وما بعدها، وإنما سميت الصيحة:

زجرة؛ لأن مقصودها الزجر، أي: يزجر بها كزجر الإبل، والخيل، وغيرهما عند السوق. قال النابغة الجعدي-رضي الله عنه-: [المنسرح] زجر أبي عروة السباع إذا... أشفق أن يختلطن بالغنم

أبو عروة: هذه كنية العباس عم النبي صلّى الله عليه وسلّم، وكنيته المعروفة في الإسلام أبو الفضل، وكان ممن يضرب به المثل في شدة الصوت، وهم يزعمون: أنه كان يصيح بالسباع، فيفتق مرارة السبع في جوفه. ويروى أنّه صاح يوم حنين: يا صباحاه! فأسقطت الحوامل لشدة صوته. انتهى.

شرح شواهد الكشاف لمحب الدين الخطيب، رحمه الله تعالى.

{فَإِذا هُمْ يَنْظُرُونَ} أي: ينظر بعضهم إلى بعض. أو المعنى: فإذا هم قيام بين يدي الله ينظرون إلى أهوال القيامة، وينتظرون ما يفعل بهم. هذا؛ و {نَعَمْ} حرف جواب، كأجل، وجير، وإي، وبلى. ونقيضها: لا، و {نَعَمْ} تكون لتصديق المخبر، أو إعلام المستخبر، أو وعد الطالب.

وانظر الكلام عليها، وعلى: «لا» و «بلى» في كتابنا: «فتح القريب المجيب».

<<  <  ج: ص:  >  >>