للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الواو، والضمير. هذا؛ وأجيز أن يكون {بِالْوَعِيدِ} حالا من الفاعل، أو من المفعول، والمعنى:

قدمت إليكم موعدا لكم به، أو قدمت إليكم هذا ملتبسا بالوعيد، مقترنا به.

{ما يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَما أَنَا بِظَلاّمٍ لِلْعَبِيدِ (٢٩)}

الشرح: {ما يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ:} قيل: هو قوله تعالى في سورة (الأنعام) رقم [١٦٠]: {مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزى إِلاّ مِثْلَها وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ} وقيل: هو قوله في سورة (السجدة) رقم [١٣]: {لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنّاسِ أَجْمَعِينَ}. وقال الفراء: ما يكذب عندي؛ أي: ما يزاد في القول، ولا ينقص لعلمي بالغيب، وأعلم كيف ضلوا. وهذا القول هو الأولى، يدل عليه: أنه قال: {ما يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ} ولم يقل: ما يبدل قولي.

{وَما أَنَا بِظَلاّمٍ لِلْعَبِيدِ} أي: ما أنا بمعذّب من لم يجرم. وقيل: فأزيد إساءة المسيء، أو أنقص من إحسان المحسن. وليس المراد ب‍: (ظلاّم) المبالغة حتى تنتفي المبالغة، ويبقى أصل الظلم. تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا، وإنما المراد نفي نسبة الظلم إليه تعالى؛ إذ المراد ليس يظلم. ومثل الاية في ذلك قول امرئ القيس، وهو الشاهد رقم [١٧٥] من كتابنا: «فتح القريب المجيب»: [الطويل] وليس بذي رمح فيطعنني به... وليس بذي سيف وليس بنبّال

الإعراب: {ما:} نافية. {يُبَدَّلُ:} مضارع مبني للمجهول. {الْقَوْلُ:} نائب فاعل. {لَدَيَّ:}

ظرف مكان متعلق بالفعل قبله، وهو مثل ما قبله في إعرابه، والجملة الفعلية في محل نصب مقول القول أيضا. {وَما:} الواو: واو الحال. (ما): نافية حجازية تعمل عمل: «ليس».

{أَنَا:} ضمير منفصل مبني على السكون في محل رفع اسم (ما). {بِظَلاّمٍ:} الباء: حرف جر صلة. (ظلام): خبر (ما) منصوب، وعلامة نصبه فتحة مقدرة على آخره، منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد، وفاعله مستتر فيه تقديره: «أنا»، {لِلْعَبِيدِ:} متعلقان ب‍: (ظلام)، والجملة الاسمية: {وَما أَنَا..}. إلخ في محل نصب حال من ياء المتكلم، والرابط:

الواو، والضمير.

{يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ اِمْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ (٣٠)}

الشرح: {يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ} وهذا استفهام على سبيل التصديق لخبره، والتحقيق لوعده، والتقريع لأعدائه، والتنبيه لجميع عباده. وفي هذا رد على من قال كالزمخشري: سؤال جهنم، وجوابها من باب التخييل، الذي يقصد به تصوير المعنى في القلب، وتبيينه، وجعله هذا من باب المجاز مردود، لما ورد: تحاجّت الجنة، والنار، واشتكت النار إلى ربها، ولا مانع من

<<  <  ج: ص:  >  >>