للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{أَذاهُمْ:} مفعول به منصوب، وعلامة نصبه فتحة مقدرة على الألف للتعذر، والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة، من إضافة المصدر لفاعله، أو لمفعوله حسبما رأيت في الشرح. {وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ..}. إلخ. انظر إعراب هذا الكلام في الآية رقم [٣] إفرادا وجملا.

{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِناتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَما لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَها فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَراحاً جَمِيلاً (٤٩)}

الشرح: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِناتِ:} تزوجتموهن. هذا؛ والنكاح لغة:

الضم، وشرعا: عقد يتضمن إباحة وطء بلفظ: إنكاح، أو تزويج، وهو حقيقة في العقد مجاز في الوطء على الأصح عندنا معاشر الشافعية، وهو عند السادة الحنفية في الأصل الوطء، وتسمية العقد نكاحا لملابسته له؛ من حيث إنه طريق إليه، كتسمية الخمر إثما؛ لأنها سببه. قال الشاعر: [الوافر] شربت الإثم حتّى ضلّ عقلي... كذاك الإثم يذهب بالعقول

قالوا: ولم يرد لفظ النكاح في كتاب الله إلا في معنى العقد؛ لأنه في معنى الوطء من باب التصريح به، ومن آداب القرآن الكناية عنه بلفظ الملامسة، والمماسة، والقربان، والتغشي والإتيان.

{ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ} أي: تجامعوهن. والخلوة الصحيحة مثل الجماع عند الحنفية لها كل أحكامه. وفي الآية دليل على أن الطلاق قبل النكاح غير واقع لأن الله رتب الطلاق على النكاح، حتى لو قال لامرأة أجنبية: إذا نكحتك؛ فأنت طالق. أو قال: كل امرأة أنكحها فهي طالق. فنكح لا يقع الطلاق، وهو المعتمد. هذا؛ وتخصيص المؤمنات بالذكر دون الكتابيات، مع أن الحكم عام فيهن تنبيه على أن من شأن المؤمن أن لا ينكح إلا مؤمنة يتخيرها لنطفته، وأن يبتعد عن نكاح الكافرات، والفاسقات، والفاجرات، وأن يستنكف أن يدخل تحت لحاف واحد غير الصالحة، والعفيفة، وما ذكر في سورة (المائدة) رقم [٥] فائدته بيان ما هو جائز غير محرم من نكاح المحصنات من أهل الكتاب.

{فَما لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَها} أي: فلا يجب لكم عليهن عدة إذا وقع الطلاق قبل الدخول بهن. وانظر العدد في سورة (الطلاق). هذا؛ وإسناد الفاعل إلى الذكور يدل على أن العدة حق للأزواج على النساء، سواء أكانت بالأقراء، أو بالأشهر. هذا؛ ويقرأ الفعل: {تَعْتَدُّونَها} بتخفيف الدال، وفسر على أنه من الاعتداء، وهو بتشديد الدال بمعنى: تستوفونها وتحسبونها.

{فَمَتِّعُوهُنَّ} أي: أعطوهن المتعة، وهذه المتعة واجبة على المطلق؛ إذا لم يكن قد سمى لها مهرا، وهي سنة إذا سمى لها مهرا، ولها نصف المهر، وانظر ما ذكرته في الآية رقم [٢٨] بشأن القدر المالي الذي يعطى للمطلقة. {وَسَرِّحُوهُنَّ سَراحاً جَمِيلاً} أي: أخرجوهن من بيوتكم من

<<  <  ج: ص:  >  >>