للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن أبي أسماء: أنّه دخل على أبي ذر-رضي الله عنه-وهو بالربذة، وعند امرأة سوداء مسغبة ليس عليها أثر المحاسن، ولا الخلوق، فقال: ألا تنظرون إلى ما تأمرني به هذه السويداء؟ تأمرني أن آتي العراق، فإذا أتيت العراق مالوا عليّ بدنياهم، وإن خليلي صلّى الله عليه وسلّم عهد إليّ أن دون جسر جهنم طريقا ذا دحض، ومزلّة، وإنا إن نأت عليه، وفي أحمالنا اقتدار، واضطهار أحرى أن ننجو من أن نأتي عليه؛ ونحن مواقير؛ أي: مثقلون خائفون. أخرجه الإمام أحمد.

الإعراب: {وَالَّذِينَ:} الواو: حرف استئناف. (الذين): اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ، والجملة الفعلية: {يُحَاجُّونَ فِي اللهِ} صلة الموصول، لا محلّ لها. {مِنْ بَعْدِ:} متعلقان بما قبلهما. {ما:} مصدرية. {اُسْتُجِيبَ:} ماض مبني للمجهول. {اللهِ:} جار ومجرور في محل رفع نائب فاعله، و {ما} والفعل بعدها في تأويل مصدر في محل جر بإضافة:

{بَعْدِ} إليه، التقدير: من بعد استجابة الله له، واعتبار {ما} موصولة ضعيف. {حُجَّتُهُمْ:}

مبتدأ، والهاء في محل جر بالإضافة، من إضافة المصدر لفاعله. {داحِضَةٌ:} خبره. وأغرب مكي، فقال: {حُجَّتُهُمْ} بدل من الذين، وهو بدل اشتمال، و {داحِضَةٌ} الخبر. {عِنْدَ:} ظرف مكان متعلق ب‍: {داحِضَةٌ،} و {عِنْدَ:} مضاف، و {رَبِّهِمْ} مضاف إليه، والهاء في محل جرّ بالإضافة من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه، والجملة الاسمية: {حُجَّتُهُمْ..}. إلخ في محل رفع خبر المبتدأ، والجملة الاسمية: {وَالَّذِينَ..}. إلخ مستأنفة، لا محلّ لها.

{وَعَلَيْهِمْ:} الواو: حرف عطف. (عليهم): متعلقان بمحذوف خبر مقدم. {غَضَبٌ:} مبتدأ مؤخر، والجملة الاسمية معطوفة على ما قبلها، فهي في محل رفع مثلها، وإن اعتبرتها في محل نصب حال من الضمير المجرور محلا بالإضافة؛ فلست مفندا ويكون الرابط: الواو، والضمير، والجملة الاسمية: {وَلَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ} معطوفة عليها، على الوجهين المعتبرين فيها.

{اللهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزانَ وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السّاعَةَ قَرِيبٌ (١٧)}

الشرح: {اللهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتابَ} أي: القرآن، وسائر الكتب المنزلة من عنده على رسله؛ حيث فيها التشريع، وتبيين الحلال، والحرام، وتفصيل الأحكام. {بِالْحَقِّ} أي: ملتبسا بالحق بعيدا عن الباطل، والعبث. {وَالْمِيزانَ} أي: العدل، والإنصاف، سمي العدل ميزانا؛ لأنّ الميزان آلة العدل، والتسوية، وهو كقوله تعالى: {وَأَنْزَلْنا مَعَهُمُ الْكِتابَ وَالْمِيزانَ لِيَقُومَ النّاسُ بِالْقِسْطِ} سورة (الحديد) رقم [٢٥]. {وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السّاعَةَ قَرِيبٌ:} لعلّ إتيانها قريب منك، وأنت لا تدري، لذا فاعمل بالشرع، واتبع الكتاب، وواظب على العدل قبل أن يفجأك اليوم الذي توزن فيه أعمالك، وتوفى جزاءك، وقال في سورة (الأحزاب) رقم [٦٣]: {وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً}.

<<  <  ج: ص:  >  >>