للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محل نصب حال من لفظ الجلالة، والرابط: الضمير فقط. {يَهَبُ:} مضارع، والفاعل يعود إلى (الله). {لِمَنْ:} جار ومجرور متعلقان بما قبلهما، و (من) تحتمل الموصولة، والموصوفة، فهي مبنية على السكون في محل جر باللام، والجملة الفعلية بعدها صلتها، أو صفتها، والعائد، أو الرابط محذوف، التقدير: يهب للذي، أو: لشخص يشاؤه. {إِناثاً:} مفعول به، وجملة:

{يَهَبُ..}. إلخ بدل من جملة: {يَخْلُقُ..}. إلخ بدل البعض، والجملة بعدها معطوفة عليها، وإعرابها مثلها بلا فارق.

{أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْراناً وَإِناثاً وَيَجْعَلُ مَنْ يَشاءُ عَقِيماً إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ (٥٠)}

الشرح: قال ابن عباس، وغيره: الآيتان نزلتا في الأنبياء خصوصا، وإن عمّ الحكم في الواقع، وهب للوط، ولشعيب الإناث ليس معهن ذكر، ووهب لإبراهيم ثمانية ذكور، ليس معهم أنثى، ووهب لإسماعيل، وإسحاق الذكور، والإناث. ووهب لسيدنا وحبيبنا الذكور، والإناث، وجعل عيسى، ويحيى عقيمين. وقال بعضهم المراد بقوله: {أَوْ يُزَوِّجُهُمْ..}. إلخ أولاد آدم، كانت حواء تلد لآدم في كل بطن توأمين: ذكرا، وأنثى، وكان يزوج الذكر من هذا البطن من الأنثى من البطن الآخر، حتى أحكم الله التشريع في شرع نوح عليه الصلاة والسّلام.

{وَيَجْعَلُ مَنْ يَشاءُ عَقِيماً:} لا ولد له، وهذا قد يكون في بعض الذكور، ويكون في بعض الإناث، يقال: رجل عقيم، وامرأة عقيم، يستوي فيه المذكر، والمؤنث، وعقمت المرأة تعقم عقما، مثل: حمد يحمد، وعقمت تعقم مثل: عظم يعظم، وأصله القطع، ومنه الملك العقيم؛ أي: تقطع فيه الأرحام بالقتل، والعقوق خوفا على الملك. وريح عقيم؛ أي: لا تلقح سحابا، ولا شجرا. ويوم القيامة يوم عقيم؛ لأنّه لا يوم بعده، ويقال: نساء عقم، وعقم، قال أبو دهبل يمدح عبد الله بن الأزرق المخزومي: [الكامل]

عقم النساء، فما يلدن شبيهه... إنّ النّساء بمثله عقم

وانظر {أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ} في سورة (الحج) رقم [٥٥]. ومما يتعلّق بذلك فخذ ما يلي: قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «إذا سبق ماء الرجل ماء المرأة أذكرا، وإذا سبق ماء المرأة ماء الرجل آنثا». وكذلك في الصحيح أيضا: «إذا علا ماء الرجل ماء المرأة أشبه الولد أعمامه، وإذا علا ماء المرأة ماء الرجل أشبه الولد أخواله». وقد جاء في حديث ثوبان-رضي الله عنه-خرجه مسلم أيضا: أنّ النبي صلّى الله عليه وسلّم قال لليهودي: «ماء الرجل أبيض وماء المرأة أصفر، فإذا اجتمعا، فعلا منيّ الرجل منيّ المرأة أذكرا بإذن الله، وإذ علا منيّ المرأة منيّ الرجل آنثا بإذن الله».

انتهى. قرطبي. {إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ:} فيفعل ما يفعل بحكمة، واختيار. هذا؛ وفي هذه الآية، وسابقتها فن التقسم، وهو من المحسنات البديعية.

<<  <  ج: ص:  >  >>