حواء مسرعا، فقال لها: يا حواء! إنّ قابيل قتل هابيل، فقالت: ويحك! وأيّ شيء يكون القتل؟ قال: لا يأكل، ولا يشرب، ولا يتحرك. قالت: ذلك الموت؟ قال: فهو الموت، فجعلت تصيح حتى دخل عليها آدم، وهي تصيح، فقال: ما لك؟ فلم تكلّمه، ورجع إليها مرّتين، فلم تكلّمه، فقال: عليك الصّيحة وعلى بناتك، وأنا وبنيّ منها براء.
ولمّا مضى من عمر آدم مائة وثلاثون سنة، وذلك بعد قتل هابيل بخمس سنين. وقيل:
بخمسين سنة، ولدت حواء له «شيثا»، وتفسيره: هبة الله، أي: خلفا من «هابيل» فأنزل الله عليه خمسين صحيفة، وصار وصيّ آدم، ووليّ عهده، والصّحائف فيها أحكام، وعظات، وتبيين عبادات.
الإعراب:{فَطَوَّعَتْ:} الفاء: حرف عطف. (طوعت): فعل ماض، والتاء للتأنيث حرف لا محلّ له. {لَهُ:} جار ومجرور متعلّقان بما قبلهما. {نَفْسُهُ:} فاعله، والهاء في محل جر بالإضافة، والجملة الفعلية مستأنفة لا محلّ لها. {قَتْلَ:} مفعول به، وهو مضاف، و {أَخِيهِ:}
مضاف إليه مجرور، وعلامة جره الياء نيابة عن الكسرة؛ لأنّه من الأسماء الخمسة، والإضافة من إضافة المصدر لمفعوله، وفاعله محذوف، والهاء في محل جر بالإضافة. {فَقَتَلَهُ:} فعل ماض، والهاء مفعول به، والفاعل يعود إلى «قابيل» والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها لا محلّ لها مثلها. (أصبح): فعل ماض ناقص، واسمه يعود إلى «قابيل» تقديره: هو. {مِنَ الْخاسِرِينَ:}
متعلقان بمحذوف خبر:(أصبح) والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها، لا محلّ لها أيضا.
الشرح:{فَبَعَثَ اللهُ غُراباً يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ:} يحفر الأرض بمنقاره، ورجليه. {لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوارِي:} يدفن. {سَوْأَةَ أَخِيهِ:} جسده الميت، فإنّه يستقبح أن يرى مكشوفا متروكا في العراء. {قالَ:} أي: قابيل. {يا وَيْلَتى:} كلمة تحسر، وتلهّف، تقال عند وقوع الدّاهية العظيمة. قال الزجاج: أصلها: يا ويلتي: فأبدل من الياء ألفا؛ لأنّها أخف من الياء، والكسرة.
هذا؛ ويقرأ فيها وفي مثلها بالياء على الأصل. قال البيضاوي: أصله في الشرّ، فأطلق على كل أمر فظيع، وجاءت في سورة (هود) رقم [٧٢] للتعجّب. {أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هذَا الْغُرابِ} يعني: مثل هذا الغراب الذي وارى الغراب الآخر في الحفرة؛ الّتي حفرها. {فَأُوارِيَ سَوْأَةَ أَخِي:} أي: فأستر جثّته، وعورته عن الأعين.