للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا؛ وقد غير سبحانه وتعالى الأسلوب؛ حيث لم يقل: (ويلبسون حريرا) للمحافظة على الفواصل، على رؤوس الآي، وللدلالة على أن الحرير ثيابهم المعتادة في الجنة، فإن العدول إلى الجملة الاسمية يدل على الثبوت، والدوام بخلاف الجملة الفعلية، فإنها تدل على التجدد، كما هو مقرر في علم المعاني، والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.

الإعراب: {إِنَّ اللهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ جَنّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ} انظر إعراب هذا الكلام إفرادا وجملا في الآية رقم [١٤]. {يُحَلَّوْنَ:} مضارع مبني للمجهول مرفوع وعلامة رفعه ثبوت النون؛ لأنه من الأفعال الخمسة، والواو نائب فاعله وهو المفعول الأول. {فِيها:} متعلقان بما قبلهما. {مِنْ أَساوِرَ:} متعلقان بمحذوف صفة مفعول به ثان، أي: شيئا كائنا من أساور، وعلامة الجر الفتحة نيابة عن الكسرة؛ لأنه ممنوع من الصرف لصيغة منتهى الجموع، وهي علة تقوم مقام علتين من موانع الصرف، هذا؛ ويجوز على مذهب الأخفش اعتبار {مِنْ} زائدة في الإيجاب، فيكون {أَساوِرَ} مفعولا ثانيا، مجرورا لفظا، منصوبا محلا. {مِنْ ذَهَبٍ:} متعلقان بمحذوف صفة {أَساوِرَ}. {وَلُؤْلُؤاً:} مفعول به لفعل محذوف، التقدير: ويؤتون لؤلؤا، أو هو معطوف على محل {مِنْ أَساوِرَ؛} لأنه يقدر: ويحلون شيئا كائنا من أساور، ولؤلؤا. هذا؛ وعلى قراءته بالجر، فهو معطوف على {ذَهَبٍ،} فيكون المراد أساور من ذهب مرصعة باللؤلؤ. وجملة: {يُحَلَّوْنَ..}. إلخ في محل نصب حال من واو الجماعة، والرابط: الضمير فقط. {وَلِباسُهُمْ:} الواو: حرف استئناف. (لباسهم): مبتدأ، والهاء في محل جر بالإضافة، من إضافة المصدر لفاعله. {فِيها:} متعلقان بالمصدر. {حَرِيرٌ:} خبر المبتدأ، والجملة الاسمية مستأنفة لا محل لها، أو هي معطوفة على ما قبلها، فتكون في محل نصب حال مثلها، وهو قوي معنى، وسبكا.

{وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلى صِراطِ الْحَمِيدِ (٢٤)}

الشرح: {وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ:} قال ابن عباس-رضي الله عنهما-وهو: شهادة أن لا إله إلا الله، وقيل: هو: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله اكبر. {وَهُدُوا إِلى صِراطِ الْحَمِيدِ} أي: إلى دين الله، وهو الإسلام، والحميد هو الله المحمود في أفعاله، والمحمود في كل لسان، الممجد في كل مكان على كل حال. هذا؛ وقيل: الأول في الآخرة حيث يلهمهم الله أن يقولوا: {الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ..}. إلخ، وأن يقولوا: (الحمد لله الّذي أذهب عنّا الحزن) والثاني في الآخرة أيضا، والمراد به طريق الجنة المحمود عاقبته. هذا؛ ومعنى (هدوا) أرشدوا، أو: وفّقوا.

الإعراب: {وَهُدُوا:} الواو: حرف استئناف. (هدوا): ماض مبني للمجهول مبني على الضم، والواو نائب فاعله، والألف للتفريق. {إِلَى الطَّيِّبِ:} متعلقان بالفعل قبلهما، والجملة

<<  <  ج: ص:  >  >>