للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اليهود. {لَوْ يُضِلُّونَكُمْ:} يخرجونكم عن الإيمان، والإسلام. {وَما يُضِلُّونَ إِلاّ أَنْفُسَهُمْ} لأن إثم إضلالهم يعود عليهم، والمؤمنون لا يطيعونهم فيه، فيبوءون بإثم ما تمنوا به إضلال المؤمنين.

{وَما يَشْعُرُونَ:} الشعور: إدراك الشيء من وجه يدقّ، ويخفى، مشتقّ من الشّعر لدقته، وسمي الشاعر شاعرا؛ لفطنته، ودقة معرفته. {وَما يَشْعُرُونَ} أنّ وبال تمنيهم راجع على أنفسهم، وأنهم سيحاسبون حسابا عسيرا، وسيعاقبون عقابا شديدا.

تنبيه: نزلت الآية الكريمة في معاذ بن جبل. وحذيفة بن اليمان، وعمّار بن ياسر-رضي الله عنهم أجمعين-حين دعاهم اليهود من بني النضير، وبني قريظة وبني قينقاع إلى دينهم. ونظير هذه الآية قوله تعالى في سورة (البقرة) رقم [١٠٩]: {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمانِكُمْ كُفّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ}.

الإعراب: {وَدَّتْ:} فعل ماض، والتاء للتأنيث. {طائِفَةٌ:} فاعله. {مِنْ أَهْلِ:} متعلقان بمحذوف صلة: {طائِفَةٌ}. و {أَهْلِ:} مضاف، و {الْكِتابِ:} مضاف إليه. {لَوْ:} حرف مصدري. {يُضِلُّونَكُمْ:} فعل مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ثبوت النون؛ لأنه من الأفعال الخمسة، والواو فاعله، والكاف مفعوله، و {لَوْ} والفعل المضارع في تأويل مصدر في محل نصب مفعول به، التقدير: ودت طائفة... إضلالكم. وإن اعتبرت: {لَوْ} حرف امتناع لامتناع؛ يكون جوابها محذوفا، ويكون مفعول: {وَدَّتْ} محذوفا، ويكون التقدير: ودت طائفة إضلالكم، وكفركم، لو يضلونكم؛ لسرّوا بذلك، وفرحوا. انتهى جمل نقلا من السّمين.

والأول أسهل، وأولى بالاعتبار؛ لأنه لا حذف فيه، ولا تقدير.

{وَما:} الواو: واو الحال. ({ما}): نافية. {يُضِلُّونَ:} فعل مضارع، وفاعله. {إِلاّ:}

حرف حصر. {أَنْفُسَهُمْ:} مفعول به، والهاء في محل جر بالإضافة، والجملة الفعلية مستأنفة، وإن اعتبرتها في محل نصب حال من واو الجماعة؛ فلا بأس، والرابط: الواو، والضمير، وجملة: {وَما يَشْعُرُونَ} معطوفة عليها على الاعتبارين.

{يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآياتِ اللهِ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ (٧٠)}

الشرح: {يا أَهْلَ الْكِتابِ:} الخطاب لليهود اللّؤماء. {لِمَ تَكْفُرُونَ بِآياتِ اللهِ} يعني:

القرآن. أو المراد: الآيات الواردة في التوراة، والإنجيل من نعت محمّد صلّى الله عليه وسلّم وصفته.

وتحريفهم، وتبديلهم ما فيها من البشارة بنبوته، والأمر باتباعه، والاهتداء بهديه. {وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ:} أن نعته، وصفته مذكور في التوراة، والإنجيل، وذلك: أن أحبار اليهود، كانوا يكتمون الناس نعته، وصفته فإذا خلا بعضهم ببعض؛ أظهروا ذلك فيما بينهم، وشهدوا: أنه حقّ. ولا تنس: أن الاستفهام للتوبيخ، والتأنيب.

<<  <  ج: ص:  >  >>