للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نصب خبرها تقدم عليها، وعلى اسمها. والثاني: أنها تامة و {عاقِبَةُ} فاعلها، و {كَيْفَ} في محل نصب حال من: {عاقِبَةُ،} تقدمت على صاحبها وعاملها، و {عاقِبَةُ} مضاف، و {الظّالِمِينَ} مضاف إليه مجرور... إلخ، وجملة: {كَيْفَ كانَ..}. إلخ في محل نصب سدّت مسد مفعول (انظر) وجملة: {فَانْظُرْ..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها، أو هي معترضة بين المتعاطفتين.

{وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النّارِ وَيَوْمَ الْقِيامَةِ لا يُنْصَرُونَ (٤١)}

الشرح: {وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً} أي: قادة، وزعماء يقتدى بهم في الضلال، وبالحمل على الإضلال، كما جعلنا الأنبياء، والمرسلين ودعاة الخير أئمة يدعون إلى الطاعات، وفعل الصالحات. قال تعالى: {وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا..}. إلخ رقم [٧٣] من سورة (الأنبياء) {يَدْعُونَ إِلَى النّارِ} أي: يدعون إلى الكفر، والمعاصي؛ التي تسبب دخول النار؛ لأن من أطاعهم؛ ضلّ، ودخل النار معهم.

{وَيَوْمَ الْقِيامَةِ لا يُنْصَرُونَ} أي: لا يمنعون من العذاب، ولا يجدون من يدفعه عنهم، بخلاف الأئمة الداعين إلى الخير، فإنهم منصورون في الدارين. ويجوز أن يكون المعنى خذلناهم؛ حتى كانوا أئمة الكفر. ومعنى الخذلان: منع الألطاف، وإنما يمنعها الله من علم:

أنها لا تنفع فيه، وهو المصمم على الكفر؛ الذي لا تغني عنه الآيات، والنذر، ومجراه مجرى الكناية؛ لأن منع الألطاف يردف التصميم، والغرض بذكره التصميم نفسه، فكأنه قيل: صمموا على الكفر، حتى كانوا أئمة فيه، دعاة إليه، وإلى سوء عاقبته. وخذ ما يلي:

عن حذيفة بن اليمان-رضي الله عنهما-قال: «كان الناس يسألون رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن الخير، وكنت أسأله عن الشرّ مخافة أن يدركني، فقلت: يا رسول الله! إنّا كنّا في جاهلية وشرّ فجاءنا الله بهذا الخير، فهل بعد هذا الخير من شرّ؟ قال: «نعم». قلت: وهل بعد ذلك الشّرّ من خير؟ قال: «نعم، وفيه دخن». قلت: وما دخنه؟ قال: «قوم يهدون بغير هديي، تعرف منهم وتنكر». فقلت: فهل بعد ذلك الخير من شرّ؟ قال: «نعم دعاة على أبواب جهنّم، من أجابهم إليها قذفوه فيها». قلت: يا رسول الله! صفهم لنا! قال: «هم من جلدتنا، ويتكلمون بألسنتنا» قلت: فما تأمرني إن أدركني ذلك؟ قال: «تلزم جماعة المسلمين وإمامهم». قلت: فإن لم يكن لهم جماعة، ولا إمام؟ قال: «فاعتزل تلك الفرق كلّها؛ ولو أن تعضّ بأصل شجرة، حتّى يدركك الموت، وأنت على ذلك». أخرجه البخاري.

الإعراب: {وَجَعَلْناهُمْ:} فعل، وفاعل، ومفعول به أول، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها، لا محل لها مثلها. {أَئِمَّةً:} مفعول به ثان. {يَدْعُونَ:} فعل مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ثبوت النون... إلخ، والواو فاعله. {إِلَى النّارِ:} متعلقان بما قبلهما، والمفعول

<<  <  ج: ص:  >  >>