في موضع جر بتقدير الجار على قول الخليل. والثاني: أن الخبر هو المصدر المؤول من: {أَنْ كَذَّبُوا} أي: كان آخر أمرهم التكذيب، و {السُّواى} على هذا صفة مصدر محذوف، أي:
أساءوا الإساءة السوأى. ومن نصب: {عاقِبَةَ} جعلها خبر (كان) مقدما، وفي الاسم وجهان:
أحدهما: {السُّواى،} والآخر: المصدر المؤول من: {أَنْ كَذَّبُوا} على ما تقدم، ويجوز أن تجعل المصدر المؤول من {أَنْ كَذَّبُوا} بدلا من {السُّواى،} أو خبر مبتدأ محذوف. انتهى.
عكبري بتصرف. وزاد مكي اعتبار {السُّواى} مفعولا به ل: {أَساؤُا} على اعتبار المصدر المؤول من {أَنْ كَذَّبُوا} خبر (كان) على قراءة الرفع، واسم (كان) على قراءة النصب، وهو بيان لما أبهم في شأن: {السُّواى}. هذا؛ ونقل الجمل عن السمين نحو ما تقدم، وما تقدم من أوجه الإعراب في هذه الآية يشبه الآية رقم [٥١] من سورة (النمل).
هذا و {عاقِبَةَ} مضاف، و {الَّذِينَ} اسم موصول مبني على الفتح في محل جر بالإضافة.
{أَساؤُا:} فعل ماض مبني على الضم، والواو فاعله، والألف للتفريق، والجملة الفعلية صلة الموصول. {السُّواى:} رأيت ما فيها من اعتبارات فيما تقدم، والمصدر المؤول من: {أَنْ كَذَّبُوا} قد رأيت ما فيه من اعتبارات أيضا. {بِآياتِ:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما، و (آيات) مضاف، و {اللهِ} مضاف إليه. {وَكانُوا:} الواو: حرف عطف. (كانوا): فعل ماض ناقص والواو اسمه، والألف للتفريق. {بِها:} جار ومجرور متعلقان بالفعل بعدهما، وجملة:
«يستهزءون بها» في محل نصب خبر (كان)، وجملة: {وَكانُوا..}. إلخ معطوفة على جملة:
{كَذَّبُوا..}. إلخ فهي داخلة معها في المصدرية المؤولة، انظر المعنى في الشرح.
{اللهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (١١)}
الشرح: {اللهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ} أي: خلقهم ابتداء، ثم يعيدهم بعد الموت أحياء.
{ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ:} بالخطاب على الالتفات من الغيبة إليه، ويقرأ بالياء على الغيبة من غير التفات. ورجوع الخلق إليه بعد الموت للحساب، والجزاء، وإدخال المحسنين الجنة، وإدخال المسيئين النار، والفعل: «رجع» يستعمل لازما، ومتعديا.
{ثُمَّ:} بضم الثاء: حرف عطف يقتضي ثلاثة أمور: التشريك في الحكم، والترتيب، والمهلة، وفي كل منها خلاف مذكور في مغني اللبيب، وقد تلحقها تاء التأنيث الساكنة، كما تلحق: «ربّ» و «لا» العاملة عمل: «ليس» فيقال: ثمّت، وربّت، ولات، والأكثر تحريك التاء معهن بالفتح. هذا؛ و «ثمّ» هذه غير: «ثمّ» بفتح الثاء، فإنها اسم يشار به إلى المكان البعيد، كما في قوله تعالى: {وَأَزْلَفْنا ثَمَّ الْآخَرِينَ} وهي ظرف لا يتصرف، ولا يتقدمه حرف التنبيه، ولا يتصل به كاف الخطاب، وقد يتصل به التاء المربوطة، فيقال: «ثمّة».