للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَاُذْكُرِ اِسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلاً (٢٥) وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلاً طَوِيلاً (٢٦)}

الشرح: {وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ} أي: صل لربك، وأكثر من عبادته، وطاعته. {بُكْرَةً وَأَصِيلاً:}

في الصباح، والمساء، في الصباح صلاة الصبح، وفي المساء صلاة الظهر، وصلاة العصر.

{وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ} يعني: صلاة المغرب، وصلاة العشاء، فعلى هذا تكون الآية جامعة لمواقيت الصلاة الخمس، كما في قوله تعالى في سورة (الروم): {فَسُبْحانَ اللهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ (١٧) وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ}. {وَسَبِّحْهُ لَيْلاً طَوِيلاً:}

المراد به: صلاة التطوع بعد المكتوبة، وهو التهجد في الليل. وقد استوفيت الكلام على ذلك في سورة (المزمل)، وانظر شرح {اللَّيْلِ} في سورة (نوح) على نبينا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام رقم [٥].

تنبيه: لقد جاء لفظ التسبيح في القرآن الكريم بالماضي أحيانا، وبالمضارع أحيانا، وبالأمر أحيانا، وبالمصدر أحيانا أخرى استيعابا لهذه المادة من جميع جهاتها، وألفاظها، وهي أربع:

المصدر، والماضي، والمضارع، والأمر. وهذا الفعل بألفاظه الأربعة قد عدّي باللام تارة، مثل قوله تعالى: {سَبَّحَ لِلّهِ،} وقوله جلت حكمته: {تُسَبِّحُ لَهُ السَّماواتُ} وبنفسه أخرى، مثل قوله تعالى شأنه في هذه الآية: {وَسَبِّحْهُ} وفي سورة (الفتح) رقم [٩]: {وَتُسَبِّحُوهُ،} وفي سورة (الأحزاب) رقم [٤٢]: {وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً،} وفي آخر سورة (ق): {وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبارَ السُّجُودِ} وأصله التعدي بنفسه؛ لأن معنى سبحته: بعدته من السوء، منقول من: سبح: إذا ذهب، وبعد، فاللام إما أن تكون مثل: نصحته، ونصحت له، وشكرته، وشكرت له، وإما أن يراد ب‍:

سبّح لله: اكتسب التسبيح لأجل الله، ولوجهه خالصا. انتهى نسفي من سورة (الحديد). هذا؛ وفي الآية الكريمة دليل على عدم ما قاله بعض أهل المعاني والبيان: أن الجمع بين الحاء، والهاء في كلمة واحدة، يخرجها عن فصاحتها، وجعلوا من ذلك قول أبي تمام: [الطويل]

كريم متى أمدحه أمدحه والورى... معي وإذا ما لمته لمته وحدي

ويمكن أن يفرق بين ما أنشدوه، وبين الآية الكريمة بأن التكرار في البيت هو المخرج له عن الفصاحة، بخلاف الآية، فإنه لا تكرار فيها. انتهى جمل نقلا عن السمين. المراد: تكرار الكلمات.

هذا؛ و (البكرة) بمعنى: الغدوة، يقال: بكّر بالتشديد، وابتكر، وأبكر، وباكر، وبكر بالتخفيف: خرج في وقت البكرة. قال زهير في معلقته رقم [١٣]: [الطويل]

بكرن بكورا واستحرن بسحرة... فهنّ ووادي الرّسّ كاليد في الفم

<<  <  ج: ص:  >  >>