للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النون، والواو فاعله، والألف للتفريق. {مَعَ}: ظرف مكان متعلق بالفعل قبله، أو هو متعلق بمحذوف حال من واو الجماعة، و {مَعَ}: مضاف، و {الْخالِفِينَ}: مضاف إليه مجرور... إلخ، والجملة الفعلية: {فَاقْعُدُوا..}. إلخ: لا محل لها؛ لأنها جواب لشرط مقدر ب‍ «إذا»، التقدير:

وإذا كنتم رضيتم بالقعود فاقعدوا... إلخ، وهذا الشرط المقدر ومدخوله كلام مستأنف، أو هو معطوف على ما قبله لا محل له على الوجهين.

{وَلا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أَبَداً وَلا تَقُمْ عَلى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَماتُوا وَهُمْ فاسِقُونَ (٨٤)}

الشرح: {وَلا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أَبَداً}: المراد بها صلاة الجنازة، وانظر الآية رقم [٦]، {أَحَدٍ}: انظر الآية رقم [٨٠] (الأعراف)، {أَبَداً}: انظر الآية رقم [٢٣]، {وَلا تَقُمْ عَلى قَبْرِهِ}:

ولا تقف على قبره للدفن، أو الزيارة، {كَفَرُوا}: انظر الآية رقم [٦٦] من سورة (الأعراف)، {بِاللهِ وَرَسُولِهِ}: انظر الآية رقم [٧٤]، ورقم [١] من سورة (الأنفال)، ومما ينبغي التنبيه له أن الفسق أدنى حالا من الكفر، وهو داخل فيه، ولما كان المنافقون أخبث من المشركين والكافرين، وصفهم الله بالفسق بعد وصفهم بالكفر، زيادة في التشنيع عليهم.

تنبيه: هناك روايات مختلفة في سبب نزول الآية الكريمة أذكر منها ما يلي: لما توفي رأس المنافقين ابن أبي جاء ابنه عبد الله رضي الله عنه، وكان من الصالحين المخلصين، فطلب من الرسول صلّى الله عليه وسلّم، أن يصلي عليه وسأله قميصه ليكفنه فيه، فأجابه الرسول صلّى الله عليه وسلّم إلى ما طلب، فأعطاه قميصه ليكفنه فيه، ولما قام الرسول الكريم ليصلي عليه، تعلق به الفاروق عمر رضي الله عنه، وقال: يا رسول الله! كيف تصلي عليه وقد قال في يوم كذا: كذا، وفي يوم كذا: كذا؟ فقال سيد الخلق، وحبيب الحق: «خيرني ربي، وقال: {اِسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ»}. فذهب فصلى عليه، ثم لم يلبث حتى نزلت الآية الكريمة موافقة رأي: عمر رضي الله عنه، وهذه إحدى الموافقات له رضي الله عنه، وانظر الآية رقم [٩٤]، من سورة (المائدة)، والأرقام المحال عليها هناك.

تنبيه: السبب في صلاة الرسول الكريم على ابن أبيّ تطييب خاطر ابنه، فقد عرفت: أنه من كرام الصحابة المخلصين، والسبب في إعطائه القميص ليكفنه فيه لأن الضنة به مخلة بالكرم، أو لأنه أعطاه لابن أبي، مكافأة له لأنه كان قد أعطى العباس عم النبي صلّى الله عليه وسلّم قميصه يوم بدر، يوم وقع أسيرا في يد المسلمين، وسلب ثوبه، فرآه النبي عليه الصلاة والسّلام، فأشفق عليه، فطلب له قميصا، فما وجد له قميص يقادره إلا قميص ابن أبي لتقاربهما في طول القامة، فأراد سيد الخلق، وحبيب الحق مكافأته في الدنيا، ورفع المنة عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>