الشرح:{وَالذّارِياتِ ذَرْواً:} هي الرياح التي تذرو التراب، وغيره. قال تعالى في سورة (الكهف) رقم [٤٥]: {تَذْرُوهُ الرِّياحُ}. {فَالْحامِلاتِ وِقْراً:} هي السحب؛ التي تحمل المطر من مكان إلى آخر بأمر الله تعالى، ومعنى {وِقْراً:} ثقلا، {فَالْجارِياتِ يُسْراً:} هي السفن التي تسير على وجه الماء بقدرة الله تعالى. {فَالْمُقَسِّماتِ أَمْراً:} هم الملائكة؛ لأنهم يقسمون الأمور من الأمطار، والأرزاق، وغيرها حسب أوامر الله تعالى لهم، فجبريل عليه السّلام صاحب الوحي إلى الأنبياء الأمين عليه، وصاحب الغلظة على الكافرين، والفاسدين، والمفسدين، وميكائيل عليه السّلام صاحب الرزق، والرحمة. وإسرافيل عليه السّلام صاحب الصور، واللوح.
وعزرائيل عليه السّلام صاحب قبض الأرواح. وقيل: هذه الأوصاف الأربعة في الرياح؛ لأنها تنشئ السحاب، وتسيره، ثم تحمله، وتقله، ثم تجري به جريا سهلا، ثم تقسم الأمطار بتصريف السحاب. والمعتمد الأول، وهو المروي عن علي، وعمر-رضي الله عنهما وأرضاهما-.
فقد روي عن سعيد بن المسيب-رحمه الله تعالى-قال: جاء صبيغ التميمي إلى عمر بن الخطاب-رضي الله عنه-، فقال: يا أمير المؤمنين! أخبرني عن: {وَالذّارِياتِ ذَرْواً} فقال: هي الرياح، ولولا أني سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقوله ما قلته، قال: فأخبرني عن الجاريات يسرا؟ قال: هي السفن، ولولا أني سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقوله ما قلته. رواه الحافظ البزار، وهكذا فسّرها ابن عباس، وابن عمر، وغير واحد. وقد أغرب البيضاوي حيث جوز تفسير (الذاريات) و (الحاملات) بالنساء، فهذا لم يقل به أحد غيره.
{إِنَّما تُوعَدُونَ لَصادِقٌ} أي: الذي توعدونه من الخير، والشر، والثواب، والعقاب. {لَصادِقٌ:}
لا كذب فيه. {وَإِنَّ الدِّينَ لَواقِعٌ} أي: الجزاء بعد الحساب لا بدّ أن يقع لا محالة. هذا؛ وإنما