الإعراب:{وَمِنْ:}(الواو): حرف عطف، أو حرف استئناف. (من دونهما): جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدم، والهاء في محل جر بالإضافة، والميم والألف حرفان دالان على التثنية. {جَنَّتانِ:} مبتدأ مؤخر مرفوع، وعلامة رفعه الألف نيابة عن الضمة؛ لأنه مثنى، والنون عوض عن التنوين في الاسم المفرد، والجملة الاسمية لا محل لها على الوجهين المعتبرين في الفاء. {مُدْهامَّتانِ:} صفة {جَنَّتانِ} مرفوع مثله... إلخ، وانظر إعراب قوله تعالى:{فَبِأَيِّ آلاءِ..}. إلخ في الاية [١٣].
الشرح:{فِيهِما عَيْنانِ نَضّاخَتانِ} أي: فوارتان بالماء، قاله ابن عباس-رضي الله عنهما-.
والنضخ بالخاء أكثر من النضح بالحاء، والجري أقوى من النضخ، وقال ابن عباس، والضحاك:
تنضخان بالخير والبركة على أهل الجنة. وقال ابن مسعود، وابن عباس وأنس-رضي الله عنهم-:
تنضخان بالمسك، والكافور، والعنبر على أولياء الله في دور الجنة كطش المطر. وقيل: المعنى:
ممتلئتان، ولا تنقطعان. {فِيهِما فاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمّانٌ:} أفردهما بالذكر لشرفهما على غيرهما، كقوله تعالى في التنويه بشأن الصلاة الوسطى:{حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطى} رقم [٢٣٨] من سورة (البقرة)، وكقوله في التنويه بشأن جبريل وميكائيل:{مَنْ كانَ عَدُوًّا لِلّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكالَ} الاية رقم [٩٧] من سورة (البقرة). وقال بعض العلماء: ليس الرمان، والنخل من الفاكهة؛ لأن الشيء لا يعطف على نفسه، وإنما يعطف على غيره، وهذا ظاهر الكلام. وقيل: إنما أفردهما بالذكر؛ لأن النخل، والرمان كانا عندهم في ذلك الوقت بمنزلة البر عندنا؛ لأن النخل عامة قوتهم، والرمان كالثمرات، فكان يكثر غرسهما عندهم لحاجتهم إليهما، وكانت الفواكه عندهم من ألوان الثمار التي يعجبون بها، فإنما ذكر الفاكهة، ثم ذكر النخل والرمان لعمومهما وكثرتهما عندهم من المدينة إلى مكة، إلى ما والاها من أرض اليمن، فأخرجهما في الذكر من الفواكه، وأفرد الفواكه على حدتها. وقيل: أفردا بالذكر؛ لأن النخل ثمرة فاكهة، وطعام، والرمان فاكهة، ودواء، فلم يخلصا للتفكه، ولذا قال أبو حنيفة-رحمه الله تعالى-: إذا حلف أن لا يأكل فاكهة، فأكل رمانا، أو رطبا؛ لم يحنث. وخالفه صاحباه، والناس في ذلك.
هذا؛ وروى ابن أبي حاتم عن أبي سعيد الخدري-رضي الله عنه-أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال:
«نظرت إلى الجنّة فإذا الرّمّانة من رمّانها كالبعير المقتّب» وفي بعض الأخبار: نخل الجنة نضيد، من أصلها إلى فرعها، وثمرها أمثال القلال، كلما نزعت ثمرة عادت مكانها أخرى، وإن ماءها ليجري في غير أخدود، والعنقود اثنا عشر ذراعا.