وأجاز أبو البقاء اعتبار الفعل: {ساءَ} متصرفا من الإساءة، وله مفعول محذوف، كما أجاز اعتبار {ما} موصولة وموصوفة ومصدرية، فعلى الأولين {ما} مبنية على السكون في محل رفع فاعل، والجملة الفعلية بعدها صلتها أو صفتها، والعائد او الرابط محذوف، وتقدير الكلام:
ألا ساءهم الذي، أو شيء يزرونه، وعلى اعتبار {ما} مصدرية تؤول مع الفعل بعدها في محل رفع فاعل، التقدير: ساءهم حملهم، والجملة الفعلية: {أَلا ساءَ..}. إلخ مستأنفة لا محل لها.
{وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلاّ لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلا تَعْقِلُونَ (٣٢)}
الشرح: {الْحَياةُ الدُّنْيا:} انظر الآية رقم [٢٩]. {لَعِبٌ وَلَهْوٌ} أي: وما أعمال الدنيا إلا لعب ولهو تلهي الناس، وتشغلهم عن طاعة الله تعالى، وما يعقبها من منفعة دائمة، ولذة حقيقية. هذا؛ واللعب: ترك ما ينفع بما لا ينفع، واللهو: الميل عن الجد إلى الهزل. {وَلَلدّارُ الْآخِرَةُ:} المراد بها الجنة وما فيها من نعيم مقيم، والمراد العمل بها. {خَيْرٌ:} أفضل، وانظر ما ذكر في الآية رقم [٢/ ٥٤] أو [٧/ ١٢]. {لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ} أي: يبتعدون عن الشرك والمعاصي.
{أَفَلا تَعْقِلُونَ} أي: ألا تفهمون أن الآخرة خير من الدنيا، فتعملون لها. وانظر الآية رقم [/٤٤ ٢] أو [٥/ ١٠٧] {تَعْقِلُونَ:} انظر العقل في الآية رقم [٢/ ٧٥]. وقد قرئ الفعل بالتاء والياء، وعلى الأول فيه التفات من الغيبة إلى الخطاب، انظره في الآية رقم [٦].
الإعراب: {وَمَا:} الواو: حرف استئناف. {مَا:} نافية. {الْحَياةُ:} مبتدأ. {الدُّنْيا:}
صفة: {الْحَياةُ} مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الألف للتعذر. {إِلاّ:} حرف حصر.
{لَعِبٌ:} خبر المبتدأ، والجملة الاسمية مستأنفة لا محل لها من الإعراب. (لهو): معطوف على ما قبله. {وَلَلدّارُ:} الواو: حرف عطف. اللام: لام الابتداء. (الدار): مبتدأ. {الْآخِرَةُ:}
صفة (الدار). هذا؛ وقد قرئ «(ولدار الآخرة)» بالإضافة كما في سورة (يوسف). {خَيْرٌ:} خبر المبتدأ، والجملة الاسمية معطوفة على ما قبلها لا محل لها مثلها. {لِلَّذِينَ:} متعلقان ب {خَيْرٌ}.
وجملة: {يَتَّقُونَ} مع المفعول المحذوف صلة الموصول. {أَفَلا:} الهمزة: حرف استفهام.
الفاء: حرف استئناف. لا: نافية. {تَعْقِلُونَ:} فعل وفاعل. والجملة الفعلية مستأنفة لا محل لها، وانظر الآية رقم [١٠٧] (المائدة).
{قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلكِنَّ الظّالِمِينَ بِآياتِ اللهِ يَجْحَدُونَ (٣٣)}
الشرح: {نَعْلَمُ:} المضارع هنا بمعنى الماضي، أي: علمنا، و {قَدْ} مفيدة لتكثير العلم، وقد علق الفعل عن العمل بسبب لام الابتداء التي زحلقت إلى خبر (إنّ) ولذلك كسرت همزتها،