للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا؛ وفي الآية دليل على جواز البكاء في الصلاة من خوف الله تعالى، أو على معصيته في دين الله، وأن ذلك لا يقطعها، ولا يضرها، ذكر ابن المبارك، عن حماد بن سلمة، عن ثابت البناني، عن مطرف بن عبد الله بن الشخير، عن أبيه. قال: «أتيت النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، وهو يصلّي، ولجوفه أزيز كأزيز المرجل من البكاء». انتهى. قرطبي. هذا؛ والبكا بالقصر: إسالة الدمع من غير رفع صوت، وبالمد إسالة الدمع مع رفعه. قال الخليل رحمه الله تعالى: من قصر «البكاء» ذهب به إلى معنى الحزن، ومن مدّه ذهب به إلى معنى الصوت. قال كعب بن مالك الأنصاري -رضي الله عنه-: [الوافر]

بكت عيني، وحقّ لها بكاها... وما يغني البكاء، ولا العويل

وانظر الآية رقم [١٦] من سورة (يوسف) عليه السّلام. هذا؛ ويسن السجود في آخر هذه الآية بعد تلاوتها وانظر ما ذكرته في الآية رقم [٥٠] من سورة (النحل)، وفي الآية رقم [٥٧] من سورة (مريم).

الإعراب: {وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ:} انظر الآية قبل السابقة، وهذه معطوفة عليها، لا محل لها مثلها. {يَبْكُونَ:} مضارع مرفوع... إلخ، والواو فاعله، والجملة الفعلية في محل نصب حال من واو الجماعة، وجاءت الحال هنا فعلا لدلالته على التجدد، والحدوث، وجاءت في الآية قبل السابقة اسما لدلالته على الاستمرار، والثبوت. الواو: حرف عطف. {وَيَزِيدُهُمْ:} مضارع، والهاء مفعوله الأول، والفاعل مستتر تقديره: «هو» يعود إلى القرآن، أو البكاء، أو السجود، أو المتلو لدلالة قوله تعالى: {إِذا يُتْلى عَلَيْهِمْ}. {خُشُوعاً:} مفعول به ثان، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها، لا محل لها أيضا. تأمل.

{قُلِ اُدْعُوا اللهَ أَوِ اُدْعُوا الرَّحْمنَ أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها وَاِبْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلاً (١١٠)}

الشرح: قال ابن عباس-رضي الله عنهما-سجد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ذات ليلة، فجعل يقول في سجوده: «يا الله يا رحمان». فقال أبو جهل: إن محمدا ينهانا عن آلهتنا، وهو يدعو إلهين، فأنزل الله هذه الآية. انتهى. خازن. وأبو جهل يعني بالرحمن مسيلمة الكذاب الذي كان يسمى رحمان اليمامة، والمخاطب بهذا الأمر النبي صلّى الله عليه وسلّم. هذا؛ و {تَدْعُوا} هنا يحتمل أن يكون من الدعاء، وهو النداء، فيتعدى لواحد، وأن يكون بمعنى: التسمية، وعليه الزمخشري، والبيضاوي، والنسفي، فيتعدى لاثنين، كما في قول الشاعر: [الطويل]

دعتني أخاها أمّ عمرو، ولم أكن... أخاها، ولم أرضع لها بلبان

<<  <  ج: ص:  >  >>