للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاسمية معطوفة على ما قبلها، فهي في محل نصب مقول القول أيضا، وجملة: {قالَ..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها؛ لأنها وما قبلها وما أشبههما بمنزلة جواب لسؤال مقدر؛ إذ التقدير: فما كان الجواب من صالح... إلخ.

{وَكانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلا يُصْلِحُونَ (٤٨)}

الشرح: {وَكانَ فِي الْمَدِينَةِ:} مدينة ثمود، وهي الحجر المصرح بها في كثير من الآيات، {تِسْعَةُ رَهْطٍ:} وإنما جاز تمييز التسعة بالرهط؛ لأنه في معنى الجماعة، فكأنه قيل:

تسعة أنفس. هذا؛ و «رهط»: اسم جمع لا واحد له من لفظه، مثل: نفر ومعشر... إلخ، والفرق بين الرهط، والنفر: أن الرهط من الثلاثة إلى العشرة، أو من السبعة إلى العشرة، والنفر من الثلاثة إلى التسعة، من الرجال، وليس فيهم امرأة. هذا؛ وجمع رهط: أرهط، وأراهط.

وأسماؤهم عن وهب بن منبه: الهذيل بن عبد رب، غنم بن غنم، رياب بن مهرج، مصدع بن مهرج، عمير بن كردبة، عاصم بن مخرمة، سبيط بن صدقة، سمعان بن صيفي، قدار بن سالف، وهم الذين سعوا في عقر الناقة، وكانوا عتاة قوم صالح، على نبينا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام. وكانوا من أبناء أشرافهم. انتهى. كشاف. وقيل في أسمائهم غير ذلك، والله أعلم.

{يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ} أي: بالكفر، وارتكاب المعاصي، والمنكرات لا يتورعون عن شيء، {وَلا يُصْلِحُونَ} أي: شأنهم الإفساد الخالص، الخالي من شوائب الصلاح، كما ترى بعض المفسدين، قد يندر منهم بعض الصلاح في هذه الأيام. قيل: فسادهم: أنهم كانوا يتبعون عورات الناس، ولا يسترون عليهم؛ والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.

الإعراب: {وَكانَ:} الواو: حرف استئناف. (كان): فعل ماض ناقص. {فِي الْمَدِينَةِ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر: (كان). تقدم على اسمها. {تِسْعَةُ:} اسم (كان) مؤخر، وهو مضاف، و {رَهْطٍ} مضاف إليه. {يُفْسِدُونَ:} فعل مضارع مرفوع، والواو فاعله، والجملة الفعلية في محل رفع صفة: {تِسْعَةُ،} أو في محل جر صفة {رَهْطٍ}. {فِي الْأَرْضِ:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما. {وَلا:} الواو: حرف عطف. (لا): نافية. {يُصْلِحُونَ:} فعل مضارع مرفوع، والواو فاعله، ومتعلقه محذوف لدلالة ما قبله عليه، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها، فهي في محل صفة مثلها، التقدير: تسعة رهط مفسدون، أو مفسدين في الأرض، وغير مصلحين، وجملة: {وَكانَ..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها؛ لأنها ليست من قول قوم صالح، ولا من قول صالح، وإنما من إخبار الله تعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>