للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ:} تختبرون، وتمتحنون بتعاقب السراء، والضراء، هل تنتبهون إلى أن ما أصابكم من حسنة؛ فبفضل الله، وأن ما أصابكم من سيئة؛ فبسوء أعمالكم. وتشاؤمهم إغراق منهم بالغباوة، وقسوة القلب، فإن الشدائد ترقق القلوب، وتلين العرائك، سيما بعد مشاهدة المعجزة، وهي لم تؤثر فيهم، بل زادوا عتوا، وانهماكا في الغيّ، والضلال.

هذا؛ وقد كانت العرب في الجاهلية أكثر الناس طيرة، وكان أحدهم: إذا أراد سفرا نفّر الطير صباحا، فإن طار يمنة تيمن، وسار، وإن طار يسرة؛ أي: شمالا؛ رجع، وتشاءم، وقد نهى النبي صلّى الله عليه وسلّم عن ذلك فقال: «لا عدوى، ولا طيرة... إلخ». رواه أبو هريرة.

وعن عبد الله بن مسعود-رضي الله عنه: -أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «الطّيرة شرك». وانظر ما ذكرته في الآية رقم [١٩] من سورة (يس) ففيها فضل زيادة.

هذا؛ وأصل {اِطَّيَّرْنا} تطيرنا، أدغمت التاء في الطاء؛ لأنهما من مخرج واحد، واجتلبت همزة الوصل لأجل التوصل للنطق بالساكن الذي هو الطاء المدغمة؛ لأن المدغم ساكن دائما، وقد قرئ: «(تطيّرنا)» على الأصل، وانظر رقم [٦٦].

الإعراب: {قالُوا:} فعل ماض مبني على الضم، والواو فاعله، والألف للتفريق.

{اِطَّيَّرْنا:} فعل، وفاعل. {بِكَ:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما، والجملة الفعلية في محل نصب مقول القول. {وَبِمَنْ:} الواو: حرف عطف، (بمن): جار ومجرور معطوفان على {بِكَ}. {مَعَكَ:} ظرف مكان متعلق بمحذوف صلة الموصول، والكاف ضمير متصل في محل جر بالإضافة، وجملة: {قالُوا..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها. {قالَ:} فعل ماض، والفاعل يعود إلى (صالح) تقديره: «هو». {طائِرُكُمْ:} مبتدأ، والكاف ضمير متصل في محل جر بالإضافة. {عِنْدَ:} ظرف مكان متعلق بمحذوف خبر المبتدأ، و {عِنْدَ} مضاف، و {اللهِ} مضاف إليه، والجملة الاسمية في محل نصب مقول القول. {بَلْ:} حرف عطف، وانتقال.

{أَنْتُمْ:} ضمير منفصل مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. {قَوْمٌ:} خبره. {تُفْتَنُونَ:}

فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع... إلخ، والواو نائب فاعله، والجملة الفعلية في محل رفع صفة {قَوْمٌ}.

وهذه الصفة وطئ لها بلفظ {قَوْمٌ،} فهي المرادة؛ لا لفظ {قَوْمٌ؛} لأنهم معلومون بأنهم قوم، ولهذا أعيد الضمير بعد {قَوْمٌ} إلى ما قبله لا إليه، وإلا لقيل: (يفتنون) بالغيبة فيه؛ لأن {قَوْمٌ} اسم ظاهر وهو من قبيل الغيبة، ومثل هذه الآية قوله تعالى في الآية رقم [٥٥]: {بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ} وقل مثل ذلك في الحال الموطئة في قوله تعالى: {إِنّا أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} الآية رقم [٢] من سورة (يوسف) على نبينا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام. والجملة

<<  <  ج: ص:  >  >>