عموم، وخصوص من وجه. هذا؛ والولي لله: العارف بالله تعالى على حسب ما يمكن، المواظب على الطّاعات، المعرض عن الانهماك في اللّذات، والشّهوات.
وفيه وجهان: أحدهما: أنّه فعيل بمعنى: مفعول، كقتيل بمعنى: مقتول، وجريح بمعنى:
مجروح. فعلى هذا هو: من يتولّى الله حفظه، ورعايته، فلا يكله إلى غيره، ونفسه طرفة عين، كما قال تعالى: {وَهُوَ يَتَوَلَّى الصّالِحِينَ}. الوجه الثاني: أنّه فعيل مبالغة من فاعل، كرحيم، وعليم، بمعنى: راحم، وعالم، فعلى هذا هو من يتولّى عبادة الله تعالى من غير أن يتخلّلها عصيان، أو فتور. وكلا المعنيين شرط في الولاية.
فمن شرط الولي أن يكون محفوظا، كما أنّ من شروط النّبيّ أن يكون معصوما، فكلّ من كان للشرع عليه اعتراض؛ فليس بولي، بل هو مغرور مخادع. ذكره الإمام أبو القاسم القشيري، وغيره من أئمّة الطّريقة، رحمهم الله تعالى. انتهى من شرح ألفاظ الزبد للشيخ أحمد بن حجازي الفشني، رحمه الله تعالى. وربنا يقول في الحديث القدسي: «من عادى لي وليّا؛ فقد آذنته بالحرب».
هذا؛ والفعل ({كَفى}) بمعنى: اكتف، فالباء زائدة في الفاعل عند الجمهور، وهو لازم لا ينصب المفعول به، ومثله مضارعه، كما في قوله تعالى: {وَكَفَى اللهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتالَ} وانظر:
الآية رقم [٦] ففيها فضل زيادة.
الإعراب: {وَاللهُ أَعْلَمُ:} الواو: حرف استئناف. ({اللهُ أَعْلَمُ}): مبتدأ، وخبر. {بِأَعْدائِكُمْ:}
جار ومجرور متعلقان ب {أَعْلَمُ،} والكاف في محل جر بالإضافة، والجملة الاسمية مستأنفة لا محلّ لها. ({كَفى}): فعل ماض مبني على فتح مقدّر على الألف للتعذر. {بِاللهِ:} الباء: حرف جر صلة. ({اللهُ}): فاعله مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدّرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد. وقيل: الباء أصلية، والجار والمجرور متعلقان بما قبلهما، على أنّهما مفعول به، والفاعل ضمير مستتر تقديره: الاكتفاء. والمعتمد الأول. {وَلِيًّا:} تمييز.
وقيل: حال. والمعتمد الأول، وجملة: {وَكَفى..}. إلخ مستأنفة لا محلّ لها.
{مِنَ الَّذِينَ هادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنا وَعَصَيْنا وَاِسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَراعِنا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْناً فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قالُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا وَاِسْمَعْ وَاُنْظُرْنا لَكانَ خَيْراً لَهُمْ وَأَقْوَمَ وَلكِنْ لَعَنَهُمُ اللهُ بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إِلاّ قَلِيلاً (٤٦)}
الشرح: {مِنَ الَّذِينَ هادُوا:} هم اليهود سمّوا بذلك لمّا تابوا من عبادة العجل، من: «هاد» بمعنى: تاب، ورجع، ومنه قوله تعالى، حكاية عن قولهم في سورة (الأعراف) رقم [١٥٦]: {إِنّا}