ورسله بأنهم كانوا يسارعون في الخيرات، وهذا لا يناقض ما روي:«العجلة من الشيطان، والتأني من الرحمن»؛ لأن المسارعة إلى الطاعات مستثناة من ذلك، كما أن هناك أمورا تسن المبادرة إلى فعلها، كأداء الصلاة المكتوبة؛ إذا دخل وقتها، وقضاء الدين بحق الموسر، وتزويج البكر البالغ؛ إذا أتى الكفؤ لها، ودفن الميت، وإكرام الضيف؛ إذا نزل. وخذ ما يلي: فعن علي بن أبي طالب-رضي الله عنه-، قال، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم له:«يا عليّ! ثلاث لا تؤخّرها:
الصّلاة إذا أتت، والجنازة إذا حضرت، والأيّم إذا وجدت كفئا». رواه الترمذي.
الإعراب:{خُلِقَ:} ماض مبني للمجهول. {الْإِنْسانُ:} نائب فاعله، والجملة الفعلية مستأنفة لا محل لها. {مِنْ عَجَلٍ:} متعلقان بمحذوف حال من {الْإِنْسانُ}. {سَأُرِيكُمْ:}
السين: حرف استقبال. (أريكم): مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الياء، والفاعل مستتر تقديره:«أنا»، والكاف مفعول. {آياتِي:} مفعول به ثان منصوب، وعلامة نصبه فتحة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم، منع من ظهورها اشتغال المحل بالحركة المناسبة، والياء في محل جر بالإضافة، والجملة الفعلية مستأنفة لا محل لها. {فَلا:} الفاء: هي الفصيحة، وانظر الآية رقم [٢٥]. (لا): ناهية. {تَسْتَعْجِلُونِ:} مضارع مجزوم بلا الناهية، وعلامة جزمه حذف النون؛ لأنه من الأفعال الخمسة، والواو فاعله، والنون للوقاية، وياء المتكلم المحذوفة مفعول به، والجملة الفعلية لا محل لها؛ لأنها جواب شرط غير جازم، التقدير: وإذا كان ذلك حاصلا، وواقعا؛ فلا... إلخ، والكلام كله مستأنف لا محل له.
الشرح: المعنى: يقول كفار قريش: متى هذا الوعد؛ أي: الذي تعدنا به يا محمد من نزول العذاب؟! وقيل: قيام الساعة،، وإنما قالوا ذلك على وجه التكذيب، والاستبعاد، والاستهزاء. {إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ} أي: فيما تعدوننا به، وإنما قالوا بلفظ الجمع؛ لأن كل أمة قالت لرسولها كذلك. أو المعنى: إن كنت صادقا أنت، وأتباعك يا محمد!.
هذا؛ وأصل {كُنْتُمْ:} كونتم، فقل في إعلاله: تحركت الواو وانفتح ما قبلها فقلبت ألفا، فصار «كانتم» فالتقى ساكنان: الألف وسكون النون، فحذفت الألف، فصار:«كنتم» بفتح الكاف، ثم أبدلت الفتحة ضمة لتدل على الواو المحذوفة، فصار:«كنتم» وهناك إعلال آخر، وهو أن تقول: أصل الفعل: كون، فلما اتصل بضمير رفع متحرك نقل إلى باب فعل، فصار (كونت) ثم نقلت حركة الواو إلى الكاف قبلها، فصار (كونت) فالتقى ساكنان: العين المعتلة، ولام الفعل، فحذفت العين وهي الواو لالتقائها ساكنة مع النون، فصار (كنت). وهكذا قل في إعلال كل فعل أجوف واوي مسند إلى ضمير رفع متحرك مثل: قال، وقام، ونحوهما.