للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{اُحْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْواجَهُمْ وَما كانُوا يَعْبُدُونَ (٢٢)}

الشرح: {اُحْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْواجَهُمْ:} هذا خطاب من الله عز وجل للملائكة، وهو المعتمد، يقول: اجمعوا الذين ظلموا أنفسهم بالكفر، وبارتكاب المعاصي. {وَأَزْواجَهُمْ} أي:

أشباههم، ونظراءهم من العصاة: عابد الصنم مع عبدة الصنم، وعابد الكواكب مع عبدة الكواكب، كقوله تعالى في سورة (الواقعة): {وَكُنْتُمْ أَزْواجاً ثَلاثَةً}. وقيل: المراد: قرناؤهم من الشياطين. وقيل: نساؤهم اللاتي كن على دينهم. وقال عمر بن الخطاب-رضي الله عنه-:

يحشر الزاني مع الزاني، وشارب الخمر مع شارب الخمر، وصاحب السرقة مع صاحب السرقة.

{وَما كانُوا يَعْبُدُونَ} من دون الله؛ أي: من الأصنام، والشياطين، والدالين على الشر والفساد. وفيه زيادة في تحسيرهم، وتخجيلهم، وخزيهم، وفضيحتهم.

هذا؛ و (أزواج) جمع: زوج، وهو يطلق على الرجل، والمرأة، والقرينة تبين الذكر، والأنثى. ويقال لها أيضا: زوجة، وحذف التاء منها أفصح إلا في الفرائض؛ فإنها بالتاء أفصح؛ لتوضيح الوارث. هذا؛ والزوج: القرين، كما رأيت في هذه الآية. والزوج: الفرد، وكل واحد منهما يسمى زوجا أيضا، يقال للاثنين: هما زوجان، وهما زوج، كما يقال: هما سيان، وهما سواء، وقال تعالى: {قُلْنَا احْمِلْ فِيها مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ} أي: من كل نوع ذكرا، وأنثى الآية رقم [٤٠] من سورة (هود)، وقال تعالى: {ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ..}. إلخ الآية رقم [١٤٣] من سورة (الأنعام) والمعنى: ثمانية أفراد، والزوج: الصنف والنوع، قال تعالى في سورة لقمان رقم [١٠]:

{فَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ} أي: صنف من النبات، وقال تعالى في سورة (الحج) رقم [٥]:

{فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ}.

الإعراب: {اُحْشُرُوا:} فعل أمر مبني على حذف النون، والواو فاعله، والألف للتفريق.

{الَّذِينَ:} اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب مفعول به. {ظَلَمُوا:} فعل ماض، والواو فاعله، ومفعوله محذوف، التقدير: ظلموا أنفسهم، والجملة الفعلية صلة الموصول.

(أزواجهم): معطوف على الموصول، أو هو مفعول معه، والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة. {وَما:} الواو: حرف عطف. (ما): اسم موصول مبني على السكون في محل نصب معطوف على ما قبله. {كانُوا:} فعل ماض ناقص مبني على الضم، والواو اسمه، والألف للتفريق، وجملة: {يَعْبُدُونَ} في محل نصب خبر (كان). والجملة الفعلية صلة الموصول، والعائد محذوف؛ إذ التقدير: الذي كانوا يعبدونه. هذا؛ والجملة الفعلية: {اُحْشُرُوا..}. إلخ هي من قول الله تعالى للملائكة، وهو المعتمد، أي: إنها في محل نصب مقول القول لقول محذوف.

<<  <  ج: ص:  >  >>