للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خاسِرِينَ (١٤٩)}

الشرح: قال عليّ-رضي الله عنه-: نزلت في قول المنافقين للمؤمنين عند الهزيمة يوم أحد: ارجعوا إلى إخوانكم، وادخلوا في دينهم. وعن الحسن البصري-رحمه الله تعالى-إن تستنصحوا اليهود، والنصارى، وتقبلوا منهم؛ لأنهم كانوا يستفزونهم، ويوقعون الشّبه في الدين، ويقولون: لو كان نبيّا؛ لما غلب، ولما أصابه وأصحابه ما أصابهم، وإنّما هو رجل حاله كحال غيره من الناس، يوما له، ويوما عليه. وعن السدي: إن تستكينوا لأبي سفيان، وأصحابه، وتستأمنوهم. {يَرُدُّوكُمْ} إلى دينهم. وقيل: هو عامّ في جميع الكفار، وإن على المؤمنين أن يجانبوهم، ولا يطيعوهم في شيء، ولا ينزلوا على حكمهم، ولا على مشورتهم؛ حتى لا يستجروهم إلى موافقتهم. وانظر الآية رقم [١٠٠]: فهي مثلها. {عَلى أَعْقابِكُمْ:} انظر الآية رقم [١٤٤]: وانظر ما ذكرته في النّداء في رقم [١٣٠].

{فَتَنْقَلِبُوا خاسِرِينَ} أي: في الدّارين، أما خسران الدنيا؛ فلأنّ أشقّ الأشياء على العقلاء في الدنيا الانقياد إلى العدوّ، وإظهار الحاجة إليه، وأما خسران الآخرة؛ فالحرمان من الثواب المؤبّد، والوقوع في العقاب المخلّد. انتهى جمل.

الإعراب: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} انظر الآية رقم [١٣٠]: {إِنْ:} حرف شرط جازم.

{تُطِيعُوا} فعل مضارع فعل الشر مجزوم، وعلامة جزمه حذف النون؛ لأنه من الأفعال الخمسة، والواو فاعله، والألف للتفريق، والجملة الفعلية لا محل لها؛ لأنها ابتدائية، ويقال:

لأنها جملة شرط غير ظرفي. {الَّذِينَ:} مفعول به، وجملة: {كَفَرُوا} مع المتعلّق المحذوف صلة الموصول، لا محل لها. {يَرُدُّوكُمْ:} فعل مضارع جواب الشرط مجزوم، وعلامة جزمه حذف النون، والواو فاعله، والكاف مفعول به، والجملة الفعلية لا محلّ لها؛ لأنها جملة جواب الشرط ولم تقترن بالفاء، ولا ب‍ «إذا» الفجائية. {عَلى أَعْقابِكُمْ:} متعلقان بالفعل قبلهما، وهما في محل نصب مفعول الثاني على اعتبار الفعل متعديا لمفعولين، أو هما متعلقان بمحذوف حال من الكاف على اعتباره متعديا لمفعول واحد، والجملة الشّرطية: لا محل لها كالجملة الندائية. {فَتَنْقَلِبُوا:} الفاء: حرف عطف، أو هي فاء السببية. (تنقلبوا): فعل مضارع مجزوم بسبب العطف على جواب الشرط، أو هو منصوب ب‍ «أن» مضمرة بعد الفاء، وعلامة الجزم أو النصب حذف النون؛ لأنه من الأفعال الخمسة، والواو فاعله، والألف للتفريق، ويجوز في مثل ذلك رفع الفعل، كما رأيت في الآية رقم [٢٨٤]: من سورة (البقرة) وعلى وجه النصب تؤول «أن» المضمرة مع الفعل بمصدر معطوف بالفاء على مصدر متصيّد من

<<  <  ج: ص:  >  >>