مكية في قول الجميع، وهي اثنتان وخمسون آية، ومئتان وست وخمسون كلمة، وألف وأربعة وثلاثون حرفا. انتهى. خازن، وروى أبو الزاهرية عن أبي هريرة-رضي الله عنه-قال:
قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:«من قرأ إحدى عشرة آية من سورة الحاقة؛ أجير من فتنة الدجّال، ومن قرأها كانت له نورا يوم القيامة من فوق رأسه إلى قدمه». انتهى. قرطبي.
الشرح:{الْحَاقَّةُ} يعني: القيامة، سميت حاقة من الحق الثابت؛ يعني: أنها ثابتة الوقوع، لا ريب فيها. انتهى. خازن. وفي النسفي: الحاقة: الساعة الواجبة الوقوع، الثابتة المجيء، التي هي آتية، لا ريب فيها، من: حقّ، يحق بالكسر، أي: وجب. انتهى. وقيل: سميت بذلك؛ لأن فيها تحقق الأمور، فتعرف على الحقيقة، وفيها يحق الجزاء على الأعمال، أي:
يجب، وقال الأزهري: يقال: حاققته، فحققته، أحقه، أي: غالبته فغلبته، فالقيامة حاقة؛ لأنها تحق كل محاق في دين الله بالباطل.
{مَا الْحَاقَّةُ} أي: أي شيء هي؟ تفخيما لشأنها، وتعظيما لهولها، أي: حقها أن يستفهم عنها لعظمها. فوضع الظاهر موضع الضمير لزيادة التهويل. {وَما أَدْراكَ مَا الْحَاقَّةُ} المعنى: وأي شيء علمته عن الحاقة؟ أي: إنك، لا علم لك بكنهها، ومدى عظمها؛ لأنها من العزم، والشدة بحيث لا تبلغ حقيقتها دراية المخلوقين، ومعرفتهم. والخطاب للنبي صلّى الله عليه وسلّم، ويعم كل عاقل فاهم يهمه شأن القيامة، ومعرفة حقيقتها.
والنبي صلّى الله عليه وسلّم كان عالما بالقيامة، ولكن بالصفة، فقيل تفخيما لشأنها: وما أدراك ما هي؟ كأنك لست تعلمها؛ إذ لم تعاينها، وقال يحيى بن سلام-رحمه الله تعالى-: بلغني: أن كل شيء في القرآن {وَما أَدْراكَ} فقد أدراه إياه، وعلمه، وكل شيء قال:{وَما يُدْرِيكَ}. فهو مما لم يعلمه. وقال سفيان بن عيينة: كل شيء قال فيه: {وَما أَدْراكَ} فإنه أخبر به، وكل شيء قال فيه: